"أهم من يؤثر على الرئيس الأميركي جو بايدن فيما يتعلق بإسرائيل هو بايدن"، تتكرر هذه العبارة في النقاشات بالعاصمة واشنطن في محاولة لتفكيك موقف إدارة بايدن مما يجري من عدوان إسرائيلي غير مسبوق على قطاع غزة.
وللرئيس بايدن روابط عائلية يهودية عميقة رغم كونه مسيحيا كاثوليكيا ملتزما، وذلك عن طريق 3 زيجات لأولاده نتج عنها إنجاب 3 أحفاد يهود.
ولا يستبعد عدد من المراقبين أن يكون لهذه الروابط العائلية دور في اتخاذ بايدن مواقف "متطرفة" في تأييد إسرائيل، على الرغم من اتهامها -من خبراء القانون الدولي- بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب.
قبل أسابيع، تساءلت مجلة "ذا نيويوركر"، "لماذا تتلقى أقوى دولة في تاريخ البشرية أوامر من بلد يعتمد عليها للحصول على المساعدات؟"، لكنها لم تقدم أية إجابة شافية.
وطرحت المجلة هذا السؤال على الدبلوماسي المخضرم، آرون ديفيد ميلر، مبعوث عملية السلام في الشرق الأوسط بعدة إدارات أميركية، وتساءلت لماذا يقبل جو بايدن جرائم الحرب الإسرائيلية، ويتعايش معها؟.
وردّ ميلر بالقول إن السبب في ذلك هو أن بايدن هو الوحيد بين الرؤساء الأميركيين المعاصرين، الذي لديه علاقة عاطفية مع فكرة إسرائيل وأمنها وشعبها.
وأكد هذا الرأي ريتشارد هاس، الرئيس السابق لمجلس العلاقات الخارجية، والمسؤول بعدة إدارات أميركية. وقال في حديث للإذاعة الوطنية إنه "في الوقت الذي تحاول فيه الإدارة موازنة دعمها لإسرائيل وخلافاتها مع سياسة الحكومة الإسرائيلية، أعتقد أن الرئيس بايدن -على وجه الخصوص- يشعر برابطة عاطفية معها".
ومنذ تأسيس إسرائيل عام 1948، واعتراف الولايات المتحدة الفوري بها، دعمتها واشنطن، إلا أنها دأبت على الضغط على تل أبيب لتغيير سياستها بصوة جذرية إذا تعارضت مع مصالح واشنطن، كما حدث في عهد الرئيسين السابقين داويت آيزنهاور إبان حرب 1956، وريتشارد نيكسون إبان حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.
ومع سقوط أكثر من 35 ألف شهيد فلسطيني وإصابة نحو 100 ألف آخرين في غزة، إضافة إلى تدمير البنية التحتية للقطاع، يكرر بايدن دعم إدارته الحديدي لإسرائيل، ولما يراه حقها في الدفاع عن نفسها.
في الوقت ذاته، يتعرض بايدن للإحراج الداخلي بسبب تفاقم عدد الشهداء المدنيين والمعاناة الإنسانية في غزة، وكذلك تعقيد عمليات الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين بمن فيهم مواطنون أميركيون.
وعندما التقى جو بايدن برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومجلس الحرب المصغر، خلال زيارته إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال لهم بايدن "لا أعتقد أنه يجب أن تكون يهوديا لتكون صهيونيا، وأنا صهيوني".
ومنذ الساعات الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة، اتخذ بايدن موقفا حادا وصارما في دعمه تل أبيب عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا ومعنويا، فيما امتنع -حتى الآن- عن المطالبة بوقف دائم لإطلاق النار.
وقد تكون هذه هي المرة الأولى في التاريخ الأميركي التي يمتنع فيها رئيس عن مطالبة أطراف نزاع عسكري خارجي -سقط فيه آلاف الضحايا المدنيين- بوقف القتال.
يُذكر أنه وخلال 36 عاما في مجلس الشيوخ الأميركي، كان بايدن أكبر متلقٍ للتبرعات من الجماعات الموالية لإسرائيل في المجلس، حيث حصل على 4.2 مليونات دولار، وفقا لقاعدة بيانات موقع "أوبن سيكريتس" (Open Secrets).
وينسب بايدن الفضل جزئيا في نظرته المؤيدة لإسرائيل إلى والده، الذي أصر في أعقاب الحرب العالمية الثانية والمحرقة النازية، على أنه "لم يكن هناك شك في عدالة إقامة إسرائيل كوطن لليهود في عام 1948″، حسب تقديره.
نشأ بايدن كاثوليكيا متدينا ولا يزال يحضر قداس الأحد كل أسبوع في كنيسة بمنطقة جورج تاون بواشنطن. وامتدت عائلته لتضم الكثير من اليهود عن طريق علاقات الزواج، إذ تزوج 3 من أبنائه الأربعة من يهود، ولدى الرئيس 3 أحفاد (ولدان وفتاة) ديانتهم اليهودية.
والبداية كانت مع زواج ابنه الراحل "بو" من هالي أوليفير، وكانت أول شخصية يهودية تنضم لعائلة الرئيس الأميركي، وكان بايدن يعرف والدة أوليفير أثناء نشأته.
وأنجب الزوجان طفلين، ناتالي (20 عاما)، وروبرت (18 عاما). وتوفي والدهما بعد إصابته بسرطان الدماغ سنة 2015.
وتزوج نجل بايدن الآخر، هانتر، من المخرجة اليهودية الجنوب أفريقية ميليسا كوهين، في عام 2019. وتصف كوهين نفسها بأنها "يهودية متدينة"، وللزوجين ابن واحد "بو" (4 سنوات).
وأخيرا ارتبطت أشلي، ابنة بايدن، أيضا بزوج يهودي، هو هوارد كرين، وهو طبيب وأخصائي للأنف والأذن والحنجرة في مستشفى بمدينة فيلادلفيا.
وكان بايدن سعيدا برؤية ابنته تتزوج من يهودي، وقال ساخرا في حفل الزفاف الكاثوليكي اليهودي المختلط، عام 2012 "أنا الكاثوليكي الأيرلندي الوحيد الذي حقق حلمه بأن تتزوج ابنته من جراح يهودي". وليس لأشلي أطفال بعد.
المصدر :الجزيرة