بشير أبازيد قبل عقد لكتابته شعارات مناهضة للحكومة على جدران مدرسته، لم يكن يتخيل أبدا أن انتفاضة ستندلع وستفضي إلى تدمير بلاده، والآن فهو يتأسى على الثمن الإنساني الفادح. أبازيد، الذي بلغ الآن الخامسة والعشرين من عمره، يقول: "هاي الأحداث كسرت فينا أشياء كثيرة.. سلبت منا طفولتنا، سلبت منا الفرحة وسلبت منا السعادة. هذه الأحداث كبرتنا قبل أواننا".
درعا مهد الثورة
وأصبحت درعا مهدا للانتفاضة وما أعقبها من تمرد مسلح ضد الرئيس بشار الأسد بعد أن جرى اعتقال أكثر من عشرين فتى من بينهم أبازيد وتعذيبهم على يد الشرطة السرية بسبب كتابة شعارات ضد الرئيس. ويتذكر أبازيد، كيف أجبره أحد أفراد قوات الأمن السورية على الاعتراف تحت الضغط والإكراه بأنه نقش شعارا يقول "أجاك الدور يا دكتور" في إشارة للأسد.
إراقة الدماء
وبعد سنوات من إراقة الدماء والفوضى، تمكن أبازيد وأسرته في النهاية من مغادرة درعا في أيار (مايو) 2017 واتجهوا إلى تركيا، وظلت درعا لسنوات معقلا للتمرد والثورة وهي تقع قرب الحدود الجنوبية مع الأردن. ولا تزال تراوده الكوابيس عن دبابات تعبر في شوارع حي مكتظ بدرعا وأقارب وأصدقاء قتلوا وآخرين حملوا السلاح مما فاقم الأمر إلى حرب أهلية مدمرة.
الخوف من العودة
أبازيد والعديد من سكان مدينته أصبحوا من بين ملايين اللاجئين الذين أسسوا لحياة جديدة في دول مجاورة وأبعد من ذلك في أوروبا دون أي نية في العودة في أي وقت قريب. يخشى الكثيرون من تجنيدهم في الجيش أو اعتقالهم ويعلمون أن بلداتهم وقراهم التي كانت مفعمة بمشاعر مناهضة لحكم الأسد تعرضت للسلب والدمار. ولم يبق سوى عدد يحصى على أصابع اليد من السكان الأصليين لحي أبازيد الأصلي وهو حي الأربعين في درعا، والشوارع أغلبها أصبحت مهجورة. وقال أبازيد بمرارة "ما تغير شي من الأيام اللي هتفنا بالحرية. طالبنا بحقنا لكن النظام المجرم لم يتعلم شي وازداد وحشية ودموية ومتمسك بالسلطة، حتى لو بشار سيطر.. الثورة لن تنتهي وبشار ما راح يحلم يحكم سوريا مثل أول". وختم قوله: "الثورة انظلمت... فقط هو الخذلان من الدول التي تدعي حقوق الإنسان وتركتنا لمصيرنا".