ماالذي تريده ايران من سوريا ؟

السوري اليوم
الأربعاء, 17 مارس - 2021
"السائحون” يعيثون فسادا في بهو المسجد الأموي والمراكز الدينية حوله
"السائحون” يعيثون فسادا في بهو المسجد الأموي والمراكز الدينية حوله

دمشق اليوم تتشح بشعارات وأغان مستفزة، فنادق مليئة بالبراقع الإيرانية السوداء، شوارع لمسلحين من رايات مذهبية مختلفة، ميليشيات عراقية وإيرانية وأفغانية يجمعها الرابط المذهبي. وكأن دمشق أصبحت ساحة تصفية مظلوميات مذاهب باطنية، ما فتئت تساند القاتل والمجرم، وتشاركه حصته من دم السوريين .

فما الذي تريده ايران من سوريا ؟

رأت مجلة فورين بوليسي ان إيران لستغلت الحرب في سوريا لتوسيع نفوذها في المنطقة، مستخدمة أدوات دينية وطائفية، عبر الظهور كممثل للشيعة في المنطقة، لتدعم نظام الأسد، الذي منحها حرية التصرف في المناطق التي تسيطر عليها الآن.

وبحسب تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي، للكاتبة، أنشال فوهرا، بعنوان "إيران تسعى لتحويل سوريا للتشيع"، فإن طهران تستخدم "الدين" من أجل الحفاظ على نفوذها، كما فعلت في الجارة لبنان من خلال ذراعها حزب الله.

وخلال 10 سنوات منذ اندلاع الثورة السورية، استغلت طهران الحرب الأهلية ، وخلط الأوراق ، لتثبيت الوجود الإيراني إلى الأبد في سوريا، حيث جندت طهران ميلشيات من أفغانستان والعراق وباكستان، وحتى فصائل موالية لحزب الله، لمحاربة الفصائل المعارضة للنظام السوري، ودعم استمرار وجود الأسد وعائلته في الحكم.

وتشير الكاتبة، الى الفرق بين موقف الاسد الاب من الدور الايراني في سوريا وموقف الاسد الابن ، مؤكدة انه رغم العلاقة الوثيقة بين الرئيس ، حافظ الأسد، وإيران، إلا أنه لم يسمح لطهران بتوسيع نفوذها في سوريا، كما هو الحال الآن، إذ كان يبقى على مسافة أمان لضمان استمرار التعاون والدعم، ولكن من دون إشراكهم في شؤون البلاد.

دولة شيعية ذات أقلية سنية

فيما لم يستطع الابن بشار الاسد ، الحفاظ على شكل العلاقات مع إيران كما كانت سابقا، وأتاح لطهران التحكم في الكثير من الشؤون الداخلية للبلاد، حتى أصبحت طهران راغبة في تغيير كل شيء في سوريا، بما في ذلك نشر التشيع، والدفع ببقية الطوائف لتصبح أقلية في البلاد، بحسب التحليل الذي نشرته المجلة .

و لاتزال فصول الاستيلاء على دمشق، تشغل بال المهتمين وغير المهتمين بما آلت إليه مدينة كانت إلى العهد القريب عنوانا للتمازج الديني والثقافي. خلال العقد الماضي، جندت إيران ميليشيات سورية تحت ذريعة حماية المزارات الشيعية، لتصبح هذه الفصائل هي الأكثر انتشار في ضواحي العاصمة دمشق، كما أنها تتحكم بالعديد من النقاط الحدودية مع لبنان والعراق وحتى إسرائيل.

وقال عدد من السوريين الذين تحولوا للتشيع لمجلة فورين بوليسي، إن "الأوضاع الاقتصادية جعلت من الصعوبة عليهم تجاهل الامتيازات التي تقدمها إيران".

وتغري إيران هؤلاء بتقديم الأموال لهم، وتقديم المنح لأبنائهم للتعليم، والرعاية الصحية، ورحلات مجانية للمزارات الدينية.

إعادة بناء الهوية الدينية

وتعيد إيران بناء الهوية الدينية في البلاد، حيث تقوم بتجديد المزارات الدينية، وبناء مزارات جديدة، وذلك من أجل تغيير طبيعة البلاد، لتصبح دولة شيعية بأقلية من بقية الطوائف الإسلامية والديانات.

ويشير التحليل إلى أن المقاربة الإيرانية في سوريا، تنطوي على استراتيجية مختلفة في تعامل النظام مع روسيا، حيث تطمح طهران إلى إيجاد جيل جديد من الشباب يدين بالولاء لإيران، وفي مرحلة من المراحل ستطالب طهران يإعطاء هؤلاء حقوقا ومناصب في الدولة السورية.

ونقل عن مصادر مطلعة ، الكشف عن نشاط الميليشيات الموالية لإيران في شراء ومصادرة كل ما يمكن أن يقع بين أيديها من أراض وعقارات، في مناطق الشريط الحدودي بين لبنان وسوريا.

وتشير بيانات تلك المصادر إلى أن أكثر من 500 قطعة أرض وعقار تم نقل ملكيتها لميليشيات موالية لإيران وبرعاية حزب الله.

وفي التفاصيل، تملكت ميليشات أفغانية وإيرانية وعراقية ولبنانية، 165 قطعة أرض في منطقة الزبداني، و250 قطعة أرض في منطقة الطفيل الحدودي، و97 عقارا وأرضا في منطقة بلودان، حيث تقوم هذه الجماعات المسلحة بفرض سيطرتها ومصادرة الشقق والفلل السكنية وتضع يدها عليها.

التغيير الديموغرافي

ومع الوقت، باتت بعض المدن مثل إدلب تستضيف عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين المعارضين، معظمهم من السنة، حيث تتهم المعارضة النظام بالقيام بـ"تهجير قسري" لفرض تغيير ديموغرافي.

ومنذ العام 2015، وبموجب اتفاق بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة، تم على مراحل إجلاء الآلاف من سكان قريتي الفوعة وكفريا الشيعيتين والمحاصرتين من الفصائل الإسلامية في إدلب، مقابل خروج الآلاف من بلدتي مضايا والزبداني قرب دمشق اللتين كانتا محاصرتين من النظام.

ويرى مراقبون سوريون أن إيران تفرض واقعا جديدا في هذه المناطق بتغيير ديمغرافي، وتفريغ هذه المناطق من سكانها وتوطين عائلات هذه المجموعات المسلحة

مع الاشارة الى ما يحصل الآن في المناطق الحدودية من استملاك للاراضي بالاجبار هو اشبه بما يجري في غوطة دمشق وجنوبها أيضا، حيث أصبحت أشبه بمناطق أو مدن تابعة لإيران.

ويتحدث أهالي المنطقة عن عروض بالبيع تتبعها تهديدات بالترحيل ، وأن الميلشيات تقوم بعمليات شراء مستمرة ، وفي حال رفض البيع يتم وضع اليد والأستيلاء عليها، مع اشارات استفهام كبيرة حول القدرة المالية التي تسمح لها بهذا النشاط مع توقيع العقوبات الاميركية عليها ، وأن إيران وحتى حزب الله في ضائقة مالية.ومن المتوقع نشاط غير مسبوق ، في حال رفع العقوبات عن إيران، في توطين الميليشيات الإيرانية في سوريا، ما سيجعل من عودة النازحين واللاجئين لمناطقهم أمرا بالغ الصعوبة .