لماذا بقي بشار الأسد في السلطة

السوري اليوم - وكالات
الأحد, 14 مارس - 2021
بشار وأسماء الأسد (إنترنت)
بشار وأسماء الأسد (إنترنت)

بمناسبة مرور عشر سنوات على الثورة السورية، وكالة فرانس برس نشرت تحليلا تقول فيه:

قبل عقد من الزمن، انطلقت ثورات شعبية في عدد من الدول العربية ضد التسلط والقمع والفقر. وأطاح الغضب برؤساء وأنظمة دكتاتورية حكمت بلدانها بقبضة من حديد لعقود، وإن لم تأت دائماً بالحرية والرخاء المنشودين. وحده الرئيس السوري بشار الأسد ظل متمسكا بكرسيه فقد أسفرت عشر سنوات من الحرب عن مقتل أكثر من 380 ألف شخص واعتقال عشرات الآلاف ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان. ويسيطر نظام الأسد اليوم على نحو ثلثي مساحة البلاد، فيما يعاني الشعب من أزمة اقتصادية حادّة مع نضوب موارد الدولة وتداعيات عقوبات دولية مفروضة على النظام وأركانه.

عوامل استفاد منها بشار الأسد

حسب خبراء وسياسيين، استفاد الأسد من تقاطع عوامل داخلية أبرزها تحكّمه بالقوات الأمنية والعسكرية، وخارجية على رأسها تلكؤ الغرب في استخدام القوة ضده، مقابل دعم عسكري حاسم من إيران ثم روسيا.

"المعارضة هي إحدى الخيبات"

من أبرز النقاط التي ساهمت في بقاء الأسد، هي ومن دون الشك، فشل المعارضة السورية على اختلاف مكوّناتها بتوحيد صفوفها وتقديم بديل جدي عن النظام، وفق ما يذهب إليه المحللون. وذلك بعد خسائر ميدانية متتالية، ساهمت في كبح صوتها وتشتيت قياداتها التي تتحرك بالأصل وفق أجندات داعميها، يقول المنتقدون. عقدت أولى اجتماعات المعارضة مطلع حزيران/يونيو 2011 في مدينة أنطاليا التركية، بعد أسابيع من بدء التظاهرات الاحتجاجية في سوريا. وشارك في الاجتماعات ممثلون عن جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في سوريا، وعن "إعلان دمشق" الذي ضم هيئات وشخصيات معارضة في الداخل والخارج، وشخصيات كردية وشبّان يشرفون على تنظيم التظاهرات.

وبعد تأسيس ما سمي بالمجلس الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في تشرين الأول/أكتوبر 2011، بات ينظر إليه كجهة أكثر تمثيلاً للمعارضة، في ظل خسائر متلاحقة لقوات النظام على أرض الميدان. وحظي المجلس باعتراف رسمي من أكثر من مئة دولة غربية وعربية في مؤتمر "أصدقاء سوريا" نهاية العام 2012 بوصفه "ممثلاً وحيداً للشعب السوري" لكن المظاهرات بدأت تتلاشي وبرزت الفصائل المسلحة فأخذت الثورة السورية منحى آخر دخلت ف يعلى خطه تدريجياً دول عدة، خليجية كقطر والسعودية أرسلت مالاً وسلاحاً للمعارضين، وغربية وعربية نشرت ببيانات مطالبة برحيل الرئيسه بشار الأسد. مع عسكرة النزاع، تعدّدت الفصائل المقاتلة التي تلقت دعماً من جهات ودول لها أجندات خاصة، ولم تحظ بدعم عسكري كافٍ لدحر قوات النظام كما توقّعت، لخشية الغرب من تكرار سيناريو الفوضى الليبي.

داعش وأخواتها

التنظيمات المتشددة لا سيما تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ العام 2014 بإضعاف المعارضة سياسياً وعسكرياً. ومع استقطاب التنظيم آلاف المقاتلين الأجانب وتنفيذه هجمات دامية في الخارج، انصبّ تركيز المجتمع الدولي بقيادة واشنطن على دعم الفصائل الكردية (التي بقيت خارج تكتل المعارضة) وحلفائها لمواجهة الجهاديين عوضاً عن دعم خصوم الأسد.

الإئتلاف والمنصات السياسية

في مطلع العام 2014، شارك الائتلاف مع وفد من النظام في جولتي مفاوضات بإشراف الأمم المتحدة سعيا لإيجاد حل للأزمة، من دون إحراز تقدم. وبرعاية سعودية، تشكلت نهاية 2015 الهيئة العليا للمفاوضات التي مسّت أطيافاً واسعة من المعارضة أبرزها الائتلاف وفصائل مقاتلة، تمهيداً لبدء مفاوضات جديدة مع النظام في جنيف. وظهرت لاحقاً منصات أخرى تتحدث باسم المعارضة: منصة القاهرة التي ضمت معارضين من الداخل والخارج، ومنصة موسكو برئاسة نائب رئيس الوزراء الأسبق قدري جميل. في الداخل، نشطت مجموعات معارضة، بعضها مقبول إجمالاً من النظام، ضمت أحزاباً قومية ويسارية وكردية وشخصيات وطنية، لم يسلم بعض أعضائها من الاعتقال، وأخرى محسوبة على دمشق. وقد دعيت جميعها الى جنيف.

وبعدما كانت المعارضة تفاوض النظام في جنيف على مرحلة انتقالية بعد رحيل الأسد، تمهيداً لتسوية سياسية، باتت المحادثات تقتصر اليوم على لجنة دستورية تضمّ ممثلين عن الطرفين لبحث تعديل أو وضع دستور جديد. في الخلاصة، لم تفرز المعارضة قيادة بديلة تشكل محاوراً يتمتع بالمصداقية للمجتمع الدولي، وبقيت رهينة أجندات دول تدعمها أو تحرّكها، ما شكّل خيبة أمل حقيقية للناشطين

"فشل" المسار السياسي

وبينما كانت الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن تشدّد في كل مناسبة على ضرورة تنحي الأسد، انصبّ اهتمام المجتمع الدولي على التوصل الى تسوية سياسية من بوابة اللجنة الدستورية التي تضم ممثلين عن الحكومة والمعارضة وتعقد اجتماعات منذ 18 شهراً في جنيف. وأملت الأمم المتحدة أن تمهد نتائج عمل اللجنة لوضع دستور جديد تُجرى الانتخابات الرئاسية المرتقبة منتصف العام الحالي على أساسه وبإشرافها والتي من المنتظر أن يصبح بشار الأسد المرشح الفعلي فيها. إلا أن موفدها الى دمشق غير بيدرسن قال لصحافيين إنّ الاجتماع الأخير كان "فرصة ضائعة" وشكّل "خيبة أمل". وأقرّ أمام مجلس الأمن "بفشل المسار السياسي".

وتعمّدت دمشق "تقطيع الوقت" خلال اجتماعات اللجنة الدستورية التي يصفها مصدر دبلوماسي غربي لفرانس برس بأنها أشبه بـ"دعابة". ويقول "سنرى الأسد ينظم انتخابات هذا الصيف بموجب الدستور الحالي. يريد النظام وعرابوه (روسيا وإيران) أن يشرحوا للعالم: حسناً جرت الانتخابات وانتهت اللعبة. هل بإمكانكم رجاء فتح دفاتر الشيكات وتمويل البنى التحتية التي قصفناها خلال السنوات العشر الأخيرة؟". في هذا الوقت، لا شيء يمنع الأسد من البقاء في مكانه والفوز بولاية رئاسية رابعة فيما كل الناشطين الذين تجرأوا يوماً على الخروج الى الشارع للمطالبة بسقوط النظام قتلوا أو فرّوا من البلاد أو تشردوا داخلها، وفيما عشرات الآلاف غيرهم في السجون والمعتقلات.