قالت الصحيفة الفرنسية في تحقيق لها نشر الثلاثاء إن القمع والتعذيب والقتل هي أمور يعرف نظام بشار الأسد كيف يقوم بها بفعالية، إذ لم يعد بحاجة إلى إثباتها منذ بداية الثورة في شهر مارس من عام 2011. لكن القتل ليس كافياً، بل يجب أيضاً التخلص من الجثث، التي هي دائما مشكلة للأنظمة الشمولية، على الأقل مشكلة لوجستية.
وأوضحت “لوموند” أن القصتين اللتين جمعتهما يتيحان فهم الطريقة التي دفن بها النظام السوري سرًا جثث عشرات الآلاف من الضحايا، الذين قتلوا في السجون ومراكز الاستجواب أو في مظاهرات أو معارك أو ماتوا في المستشفى بعد الإصابة. وهم في الأساس مدنيون، وليسوا من المقاتلين المتمردين.
هاتان القصتان – توضح “لوموند” – من عمل لاجئيْن سوريين استقرا في ألمانيا في منطقة برلين: الأول، الذي أطلقت عليه الصحيفة “حفار القبور” لأسباب أمنية، وصل عبر نهر الراين في عام 2018: كانت وظيفته الإشراف على عمليات الدفن السرية في مقابر جماعية على رأس فريق صغير. تدرب من عام 2011 حتى نهاية عام 2017. وسارت عشرات الآلاف من الجثث أمام عينيه.
الثاني، الذي وصل إلى برلين في عام 2016 مع موجة كبيرة من اللاجئين، كان يقود جرافة، وكان مسؤولاً عن حفر المقابر الجماعية ودفع الجثث أحيانًا داخلها. وقد مارس ذلك من صيف 2011 إلى صيف 2012، قبل أن يُسجن لأكثر من عام بقليل.
يعرف الرجلان بعضهما البعض عن بعد في دمشق، حيث كانا يعملان في نفس الموقع، لكنهما لم يلتقيا منذ أن عاشا في ألمانيا. ومع ذلك، فإن قصتيهما تتفقان وتكملان بعضهما البعض بشكل مثالي، تشير “لوموند”.
وقد أدلى أحد الرجلين بشهادته في المحاكمة التاريخية بكوبلنز في غرب ألمانيا، والتي أدت في يناير الماضي إلى الحكم على العقيد السابق لأمن الدولة أنور رسلان بالسجن المؤبد بتهمة “جرائم ضد الإنسانية”، ومعه ضابط آخر هو إياد الغريب، والذي حكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف. وتم القبض على الرجلين، اللذين كانا قد انتقلا إلى ألمانيا، بعد التعرف عليهما من قبل سجناء سابقين في “الفرع 251”، أحد أكثر مراكز الاعتقال والتعذيب شراً في النظام.