في هذا التقرير يسرد أحمد أبو عدي، الرياضي السابق والكاتب في نطاق علوم الملاكمة والشطرنج، الأسباب التي تعطي أبو عدي تلك المزايا، وهي غير ذات علاقة بلعبة الشطرنج نفسها بقدر ما ترتبط بعلاقة احمد مع ذاته، وطريقته في التعامل مع الشطرنج وكل شيء آخر في حياته، وهي طريقة يمكن لنا أن نطبّقها أيضا في أمور حياتنا.
:
احمد أبو عدي
على عكس معظم عباقرة الشطرنج -الذين تفرغوا بالكامل لهذه اللعبة- ظل أبو عدي في المدرسة حتى بلغ السابعة عشرة من عمره. حثه والداه على إكمال هواياته كافة حيث جمع بين لعبة وتعلم الملاكمة بالإضافة لعبة الشطرنج التي أخذها عن والده حيث كان يعمل مستشاراً تعليميا قبل ايفاده لبعثة الى الجزائر، وخلق حياة متوازنة عن طريق التجول في محيط منطقة اريحا وجبل الأربعين صاحب أفضل أنقى هواء في العالم، والتعرف على الفنون وتشربها من خلال زيارته للنوادي بانتظام. تعرف احمد على الشطرنج في سن صغيرة بسبب والده، ولكن عندما كان أصغر سنا، فضّل ممارسة هوايات أخرى لتسلية وقته، وقد شجعه والداه على استكشافها بنفسه، فتحقيق توازن بين الاستكشاف الذهني والنشاط البدني يضاعف من تطور عقل الطفل ويجعله مرنا.
عندما بلغ خمسة أعوام من عمره، تمكن من التغلب على اخته الكبرى بلعبة الشطرنج، والذي دفعه لذلك هي العلاقة التنافسية الصحية التي جمعته بأخته الكبرى، ورغبته في التغلب عليها في الشطرنج. وبغض النظر عن الشطرنج، التي تدرب عليها احمد لمدة ثلاث إلى أربع ساعات يوميا في طفولته، كانت لديه وسائل ترفيه أخرى، منها: لعبة الملاكمة وكمال الأجسام وكرة القدم، وحبه للسهر مع اقرانه من الطلاب.
في مراهقته، عُرِف احمد بأسلوبه الجريء والاندفاعي، لكن تحول أسلوبه مع الأيام ليصبح أكثر تأنّيا باتباعه بعض استراتيجيات الاسترخاء لتي تعلمها بممارسته لرياضة اللياقة البدنية وكمال الأجسام، والذي يميّز احمد حقا اليوم هو تجنبه الحركات الافتتاحية التقليدية التي يسهل التنبؤ بها، وميله بدلا من ذلك إلى تبني أسلوب جديد ، ما يصعب على خصومه مواجهته لعدم قدرتهم -ببساطة- على التنبؤ بحركاته.
في المقابل، فإن تلك الحركات المميزة التي تبناها احمد جاءته على هيئة هواجس طرأت على باله أثناء ممارسته رياضة الإحماء والركض في الهواء الطلق بين النشاط البدني وحل المشكلات هو أمر اختبره أي شخص يمارس الرياضة بانتظام. كونك ذا لِياقة بدنية لا يمنحك القدرة على التحمل الجسدي فحسب، بل يزيد من إبداعك وقدرتك على اكتساب مرونة لمواجهة صعوبات.
والحياة تشبه الشطرنج، يتطلب إتقانها تدريبات مكثفة والتمتع بثقة وقدرة على التكيّف، إلى جانب التحمّل البدني والعقلي واتخاذ القرار .
أؤمن باللعب الجيد، وهذا أهم شيء بالنسبة إليّ".
ثق في حدسك
تُعَد بطولات الشطرنج أحد الأمثلة المميزة للاهتمام حول تقاطع حدسنا مع حِسّنا الفكري، وهذا ما أحب اتبعه حينما تعلمت إتقان لعبة الشطرنج ضد برنامج قوي على الكمبيوتر، اعتمدت في ذلك على التوازن بين حسه الفكري وحدسه القوي لهزيمة البرنامج.
يقول احد المقربين وهو مدرب سابق، إن إتقان لعبة الشطرنج متأصل في الأساس في امتلاكه "حدسا قويا عميقا، إن احمد يتمتع بشعورٍ طبيعي يرشده إلى الأماكن الصحيحة لتحريك قطع الشطرنج".
إن احمد يتمتع بقدرة على استشعار القطع عند تحريكها، وفكر قوي يسخره لحساب عدد هائل من التحركات التي لا يمكن لأي شخص أن يحسبها، وتكمن براعته أيضا في قدرته على حساب عشرة نقلات يمكن لخصمه أن يلعبها، . في هذا الصدد يقول احمد: "من الصعب شرح كيف نتنبأ بالخطوة التالية، لكن يعتمد الأمر على حدسك الداخلي وشعورك بأن اتخاذ هذه الخطوة يبدو صحيحا".
هل لديك قدرة بدنية على التحمل؟
على الرغم من أن الشطرنج قد تبدو لعبة لا علاقة لها بالقدرة على التحمل البدني، فإنها في الواقع تتطلب قدرا هائلا من الثبات الانفعالي والتحمل البدني. نستطيع أن نرى كيف أن قدرة احمد الإبداعية على الوصول إلى أوضاع لا تُقهَر، وقدرته على التحمل إلى أن تنتهي اللعبة (خاصة في مرحلة خاتمة المباراة)، هي التي تجعل أسلوبه مميزا بحيث يمكن وضعه في مقارنة مع الأساليب التي انتهجها العديد من أبطال العالم السابقين.