أثار قرار لبنان إدانة الاجتياح الروسي لأوكرانيا بلبلة ومواقف متباينة بين اللبنانيين، فاعتبر بعضهم أنه "يفتقر الى الدبلوماسية"، ويخالف قرار لبنان بالتزام سياسة الحياد إزاء الدول الأخرى في أزماتها وحروبها.
وكانت وزارة الخارجية اللبنانية أصدرت بيان تنديد، الخميس، بعد ساعات فقط من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاب متلفز بعد أسابيع من التوتر المتصاعد، إطلاق الهجوم العسكري الروسي على الأراضي الأوكرانية، بهدف ما أسماه حماية منطقة دونباس في جنوب شرق أوكرانيا.
في ظل الانتقادات التي أثارها بيان الإدانة السريع، أدلى وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، الجمعة، بموقف بدا مغايرا، حيث قال إن لبنان "سيمتنع" عن المشاركة في تبني قرار مقدم لمجلس الأمن الدولي في نيويورك للتنديد بالعملية العسكرية الروسية، وأنه "سيدرسه" عند إحالة القرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة "بالتشاور" مع الدول العربية الأخرى.
واعتبر كثيرون أن الموقف اللبناني كان متعجلا ولم يأخذ بعين الاعتبار ارتباط آلاف اللبنانيين بمصالح اقتصادية وسياسية وحتى عائلية، في كل من روسيا وأوكرانيا، في وقت التزمت فيه غالبية الدول العربية حتى الآن الحذر في اتخاذ مواقف منحازة لأي طرف في الصراع الروسي-الأوكراني.
في بيان الخميس ذكرت الخارجية اللبنانية أن "لبنان يدين اجتياح الأراضي الأوكرانية، ويدعو روسيا إلى وقف العمليات العسكرية فورا، وسحب قواتها منها، والعودة إلى منطق الحوار والتفاوض كوسيلة أمثل لحل النزاع القائم بما يحفظ سيادة وأمن الجانبين، ويهدئ هواجسهما، ويسهم في تجنيب شعبي البلدين والقارة الأوروبية والعالم مآسي الحروب ولوعتها".
وضعت وزارة الخارجية موقف لبنان الخميس في اطار "ما شهده تاريخه الحديث من اجتياحات عسكرية لأراضيه ألحقت به وبشعبه أفدح الخسائر التي امتد أثرها البالغ لسنوات طويلة على استقراره وازدهاره".
وأضاف بوحبيب "أن الموقف اللبناني ليس موجها ضد روسيا الاتحادية أو أي دولة أخرى صديقة، إنما هو موقف مبدئي اتخذه وسيتخذه لبنان في كل أزمة مشابهة"، مشيرا إلى أنه اجتمع الخميس بالسفير الروسي في بيروت، الكسندر روداكوف، وأعرب له عن "أسفه لأن لبنان بصدد إصدار بيان إدانة للعملية العسكرية الروسية، وأكدنا أن هذا الموقف غير موجه ضد دولته ولا نرغب في أن يؤثر على العلاقة الثنائية الوطيدة".
وغرد النائب عن ”حزب الله” إبراهيم الموسوي عبر حسابه على "تويتر" اليوم قائلا "ينأون بأنفسهم ويدَعون الحياد حيث يشاؤون، ويتدخلون ويدينون أيضا حيث يشاؤون. أمر عجيب غريب. أي سياسة خارجية يتبعها لبنان، وأين مصلحة لبنان في ذلك ؟ تفضل وزير خارجيتنا وأوضح لنا الأمر".
من جانبها قالت أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتورة ليلى نقولا أن بيان الخارجية اللبنانية "بلغته وأسلوبه يبتعد عن الأصول الدبلوماسية المعتمدة لدى الدول التي تحتفظ بعلاقات جيدة مع طرفي نزاع، حيث يكون البيان في هذه الحالة متوازنا وفيه دعوة للحوار وضبط النفس وتغليب لغة الحوار".
تابعت ليلى أن "البيان اللبناني يفتقر إلى الدبلوماسية، ولبنان يفتقر إلى المقومات التي تسمح له بإصدار بيان كهذا. لذلك أشك من هي الجهة التي أملت على الطرف اللبناني هذه الصيغة، وهل ناقشته السلطة السياسية وتوافقت عليه قبل إصداره؟ أشك بذلك".
وختمت بالقول أن "هناك جالية لبنانية في كل من روسيا وأوكرانيا، وعلاقات لبنان جيدة مع البلدين، لكن لم يحترم لبنان العلاقات الجيدة والصداقة التي تربطه بروسيا، علما بأنه في مرات عديدة لجأ اللبنانيون الى روسيا للمساعدة في حل الازمات الداخلية ودعوتها للاستثمار في المرافئ".