في تقرير أعدته وكالة الأنباء الفرنسية تقول فيه:
إن أجزاء واسعة من محافظة إدلب هي المعقل الأبرز الأخير لفصائل جهادية وأخرى معارضة للنظام، فماذا يحمل المستقبل لمنطقة خاضعة اليوم لهيئة تحرير الشام وفي أجزاء كبيرة منها لنفوذ تركي؟
موقع استراتيجي
تحظى محافظة إدلب بأهمية استراتيجية، فهي تحاذي تركيا التي باتت تتمتع بنفوذ كبير داخل سوريا بعد دخولها على خط النزاع من منطلق دعم المعارضة، من جهة، ومحافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد من جهة ثانية. وتقع مدينة إدلب، مركز المحافظة، على مقربة من طريق حلب - دمشق الدولي الذي شكل لسنوات هدفاً لقوات النظام إلى أن تمكنت إثر هجمات عدة من استعادته كاملاً.
هيئة تحرير الشام
ويقول الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش إن الهيئة والفصائل تسيطر اليوم على ثلاثة آلاف كيلومتر مربع، وتتولى من خلال مؤسسات مدنية وأجهزة أمنية وقضائية خاصة بها، تنظيم شؤون نحو ثلاثة ملايين نسمة، غالبيتهم من النازحين. وتجني الهيئة عائدات من حركة البضائع عبر المعابر مع كل من مناطق سيطرة النظام وتركيا، ويبلغ عديد مقاتليها نحو عشرة آلاف، ووفق تقرير حديث للأمم المتحدة يشير إلى أن الهيئة تحتكر توزيع الوقود، وتبلغ قيمة أرباحها نحو "مليون دولار شهرياً". وتنتشر في المنطقة أيضاً فصائل جهادية متحالفة مع الهيئة أو على خلاف معها.
النفوذ التركي
تنشر تركيا حوالي 15 ألف مقاتل من قواتها في إدلب، وتواجه بذلك قوات النظام بطبيعة وجودها في المنطقة، وتركيا التي تستضيف نحو أربعة ملايين لاجئ سوري تخشى موجة جديدة من النزوح إليها، وهي مستعدة لأي هجوم جديد، "وهذا يعني أن الرهانات السياسية باتت أكثر أهمية، مقابل تراجع احتمال العمل العسكري" كما يرى دبلوماسي غربي ولا يعتقد أن مستقبل إدلب سيبقى كما حاضرها، أي منطقة محاصرة مجهولة المصير تسيطر عليها مجموعات جهادية. ويقول "هذا ليس السيناريو الأكثر ترجيحاً"، معدداً عوامل عدة تهدّد "الوضع القائم" بينها "وجود ملايين النازحين، والقضايا والتهديد الذي تشكله بعض المجموعات الإرهابية على تركيا والغرب". وتقول الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة "من شأن موجة جديدة من اللاجئين أن تنتج تحديات سياسية واقتصادية وإنسانية" جديدة لتركيا التي تحاول أن "توازن" بين مصلحتها في إبعاد النظام عما تبقى من إدلب و"الحفاظ على علاقاتها مع روسيا وتفادي أي مواجهة. وفي حال شن هجوم جديد، ستطلب أنقرة مقابلاً قد يكون، السماح لها "بالسيطرة على مناطق كردية جديدة"، بعدما كانت استولت على مناطق حدودية واسعة في ثلاث عمليات عسكرية شنّتها ضد المقاتلين الأكراد. ويرى التقرير أنه قد ينتهي الأمر بإدلب كمنطقة "تخضع للحماية التركية... تسيطر عليها مجموعات إسلامية مثل هيئة تحرير الشام وتدير شؤون اللاجئين فيها". وستصبح في هذه الحالة أشبه بـ"قطاع غزة جديد".