لبنانيون :"لا طريق أمامنا إلا البحر"

الأربعاء, 12 يناير - 2022
لبنانيون في قوارب الموت
لبنانيون في قوارب الموت

ليست الهجرة غير القانونية ظاهرة جديدة في لبنان الذي شكّل منصة انطلاق للاجئين خصوصاً سوريين باتجاه قبرص تحديدا، الدولة القريبة والعضو في الاتحاد الأوروبي. لكن اليوم يتزايد عدد اللبنانيين الذين يخاطرون بأرواحهم بحثاً عن بدايات جديدة بعيداً عن بلدهم الغارق في الأزمات. منذ عام 2019، تمكّن إبراهيم، الذي يعمل كمهرب، من تهريب قرابة مئة لبناني إلى أوروبا. ويقول: “أخرجتهم من هنا، من التسوّل. هناك على الأقل إذا وضعوا في مخيم، سيأكلون ويشربون بكرامة”. ويتباهى إبراهيم بأنه يساعد اللبنانيين فقط. ويقول: “يأتيني سوريون وفلسطينيون لكنني لا أقبل طلباتهم، فأنا مسؤول عن أبناء بلدي فحسب”.

لبنانيون يبيعون مقتنياتهم لدفع تكاليف التهريب

ويضيف: “لبنانيون كثر يودون المغادرة.. ومستعدون لبيع بيوتهم وسياراتهم. يبيعون كل شيء، المهم أن يرحلوا”. ويبدو لبنان الذي يقطنه حالياً قرابة ستة ملايين شخص بمثابة سفينة غارقة تصارع الانهيار الاقتصادي الذي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي. وأدّت الأزمة إلى خسارة الليرة أكثر من 95 في المئة من قيمتها أمام الدولار. وانعكس ذلك تدهوراً غير مسبوق في قدرة السكان الشرائية بعدما بات الحدّ الأدنى للأجور يعادل أقل من 23 دولارا، في بلد يعتمد على الاستيراد إلى حدّ كبير. وجراء ذلك، تراجعت قدرة السلطات على توفير الخدمات الأساسية ودعم سلع حيوية خصوصاً المحروقات والأدوية.

خمسة آلاف دولار

وتخللت محاولات الهجرة غير القانونية حوادث وفاة وغرق في عرض البحر. وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن 1570 شخصاً على الأقل، بينهم 186 لبنانياً، شرعوا أو حاولوا المغادرة في رحلات بحرية غير قانونية من لبنان خلال الفترة الممتدة بين كانون الثاني/ يناير وتشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، غالبيتهم باتجاه قبرص. وأوضحت المتحدثة باسم المفوضية ليزا أبو خالد، إن العدد الإجمالي كان 270 بينهم 40 لبنانياً عام 2019. في عام 2020، نجحت القوات البحرية، وفق الجيش “في ضبط نحو 20 مركباً وتوقيف 596 شخصاً وتسليمهم إلى السلطات المختصة”. وكثفت دورياتها مع ارتفاع عدد عمليات التهريب. ونسّق إبراهيم حتى الآن عشر رحلات تهريب، كان أولها عام 2019 لأسرة من خمسة أشخاص تقيم حالياً في ألمانيا، وآخرها في أيلول/ سبتمبر الماضي وضمّت 25 راكباً وصلوا إيطاليا، على حدّ قوله. وتتراوح كلفة سفر الفرد بين 2500 دولار لبلوغ قبرص وسبعة آلاف دولار للوصول إلى شواطئ إيطاليا، وفق إبراهيم الذي قد يجني قرابة خمسة آلاف دولار كربح صاف مقابل كل رحلة تضم عشرين شخصاً. ويوضح: “في السابق، كنا ننشر الخبر، أما حالياً فالناس هم من يأتون إلينا”.