تلاسن حاد تركي- صيني في مجلس الأمن حول سوريا والإيغور ومخاوف من تجدد الخلافات

السوري اليوم - متابعات
السبت, 30 أكتوبر - 2021
خلاف حاد تركي- صيني في مجلس الأمن حول قضايا متعددة
خلاف حاد تركي- صيني في مجلس الأمن حول قضايا متعددة


عقب أكثر من عام من التهدئة التي سادت الخلافات التركية- الصينية والتي تتركز حول ملفي سوريا والإيغور، عادت التصريحات الحادة إلى الواجهة مجدداً، وهو ما يثير المخاوف من جولة جديدة من التصعيد خلال المرحلة المقبلة التي ترغب فيها أنقرة بالتهدئة على كافة الجبهات. ورغم الرغبة التركية في عدم الدخول في أي صدام جديد مع الصين لحساسية المرحلة سياسياً واقتصادياً، إلا أن تفاعلات الملف السوري وقضية الإيغور التي يوليها الشعب التركي أهمية بالغة جداً، وهو ما يفرض على الحكومة اتخاذ مواقف مقبولة داخليا وتتماشى مع ثوابت السياسة التركية نحو ملفي سوريا والإيغور وهو ما يبقى خطر التصعيد قائماً وبقوة خلال المرحلة المقبلة.

ومنذ أكثر من عام، شهدت العلاقات التركية- الصينية تهدئة لافتة، حيث تراجعت حدة التصريحات السلبية والنقدية من الجانبين لا سيما في ملف الإيغور، حيث وُجهت اتهامات من المعارضة التركية للحكومة بأنها وقعت تحت “الابتزاز الصيني” وتجاهلت “معاناة أتراك الإيغور” وذلك لتأمين لقاحات كورونا الصينية، وهو ما نفته الحكومة مراراً.

        عادت تركيا لتصدر المواقف الدولية المنددة بانتهاكات الصين ضد أقلية الإيغور المسلمة في إقليم تركستان الشرقية، ووقّعت على بيان إلى جانب 42 دولة يندد بالانتهاكات الصينية واسعة النطاق لحقوق الإنسان ضد الأقلية

واشترت تركيا عشرات ملايين لقاحات كورونا من الصين لدعم حملة التطعيم الوطنية، والقيام بأكبر قدر ممكن من عمليات التطعيم ضد الفيروس في أقرب وقت ممكن وذلك لإنقاذ الاقتصاد التركي الذي تضرر كثيراً بفعل الجائحة والإغلاق، إلا أن المعارضة التركية قالت إن الصين استخدمت اللقاحات كسلاح وضغطت لابتزاز تركيا عبر فرض شروط تتعلق بوقف الحملات الإعلامية وأنشطة الإيغور على الأراضي التركية.

لكن ملف اللقاحات الصينية لم يعد اليوم بنفس الأهمية السابقة لتركيا التي تمكنت من الحصول على كميات كبيرة من اللقاحات وتلقيح أغلبية المواطنين بجرعتين أو أكثر، حيث بات لقاح فايزر الأكثر توفراً في تركيا وليس “سينوفاك الصيني” في حين تقترب تركيا من بدء استخدام لقاحها المحلي الذي اجتاز مراحل متقدمة من التجارب والاعتمادات الطبية.

ومنذ نحو أسبوع، عادت تركيا لتصدر المواقف الدولية المنددة بانتهاكات الصين ضد أقلية الإيغور في إقليم تركستان الشرقية، ووقّعت على بيان إلى جانب 42 دولة يندد بالانتهاكات الصينية واسعة النطاق لحقوق الإنسان ضد تلك الأقلية، في المقابل عبرت 62 دولة بينها 14 دولة عربية عن دعم موقف الصين، في بيان ضغطت بكين لإصداره رداً على البيان الأول.

وجاء في البيان الذي وقعت عليه تركيا: “هناك تقارير ذات مصداقية تشير إلى وجود شبكة كبيرة من معسكرات إعادة التثقيف السياسي حيث تم اعتقال اكثر من مليون شخص بشكل تعسفي وأعرب ممثلو الدول الموقعة في بيانهم عن “القلق بشكل خاص بشأن الوضع في إقليم شينجيانغ”.

ولم تمض أيام قليلة حتى تفجرت مشادة كلامية حادة بين ممثلي تركيا والصين في مجلس الأمن الدولي على هامش جلسة كانت مخصصة لمناقشة آخر تطورات القضية السورية.

واتهم ممثل الصين “قنغ شوانغ” تركيا بأنها تحتل أجزاء من شمالي شرق سوريا بشكل غير قانوني، كما اتهم أنقرة بأنها تقطع المياه عن المدنيين في مناطق مختلفة شمالي سوريا، داعياً أنقرة إلى “الامتثال للقانون الدولي بما في ذلك القانون الدولي الإنساني ونحضها على حماية المدنيين وصون البنى التحتية وتيسير الوصول الإنساني للأمم المتحدة”.

ورداً على الممثل الصيني، قال فريدون سينيرلي أوغلو، ممثل تركيا الدائم في مجلس الأمن، إن “تركيا لن تتعلم من أولئك الذين ينتهكون القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني (في إشارة لانتهاكات الصين لأقلية الايغور)”، واعتبر ممثل تركيا أن الأزمات في سوريا يتسبب بها النظام السوري والتنظيمات الإرهابية.

وتهدد تركيا بتنفيذ عملية عسكرية ضد الوحدات الكردية هناك، كما يمكن إن تشمل العملية منطقة تل رفعت التي ينتشر فيها النظام السوري أيضاً، إلى جانب إمكانية حصول صدام بين تركيا والنظام السوري الذي يهدد بالتحرك عسكرياً نحو إدلب، وهي جميعها تطورات قد تقود لتصعيد بين تركيا الداعمة للمعارضة السورية، والصين التي تعتبر من أبرز المدافعين والداعمين للنظام السوري.

والعام الماضي، استدعت وزارة الخارجية التركية، السفير الصيني في العاصمة أنقرة، وذلك للاحتجاج على تغريدة للسفارة الصينية استهدفت سياسيين أتراكا معارضين، رداً على مواقف لهم تجاه ما قالوا إنها السياسات القمعية التي تتبعها الصين ضد أقلية الإيغور في واحدة من أحدث الأزمات الدبلوماسية بين البلدين.

ويعيش قرابة 50 ألفا من الإيغور في تركيا، نجحوا خلال العقود الماضية في الوصول إليها بطرق مختلفة خاصة في السنوات الأخيرة التي صعدت فيها الصين من إجراءاتها ضدهم، ومنذ أشهر ينظمون تظاهرات شبه يومية أمام السفارة الصينية في أنقرة وقنصليتها في إسطنبول للمطالبة بمعرفة مصير أقاربهم في الصين.

 ويعتبر الإيغور الملف الأكثر حساسية في سجل العلاقات التركية- الصينية، حيث ينحدرون من أصول تركية. ويضغط سياسيون أتراك من توجهات مختلفة على الحكومة لاتخاذ موقف داعم لهم والضغط على الحكومة الصينية، وسط اتهامات من المعارضة للحكومة بالخضوع لضغوط صينية والصمت على ممارساتها ضد أتراك الإيغور، مقابل ميزات تجارية واستثمارات ومؤخراً مقابل امتيازات تتعلق بالحصول على لقاح كورونا، وهي اتهامات تنفيها الحكومة التركية بشكل مطلق.