رويترز - غامر جوردي، وهو كردي سوري يعيش في النمسا، بالسفر إلى بولندا معرضا نفسه لخطر الاعتقال في محاولة يائسة لإنقاذ والديه المحاصرين في الغابات على الحدود بين روسيا البيضاء وبولندا، بلا زاد سوى الماء وقليل من الطعام.
يُبرز سياج شائك نصبته سلطات وارسو، في ظل حالة الطوارئ، أسنته في وجوه آلاف المهاجرين القادمين من الشرق الأوسط وأفريقيا على أمل دخول بولندا عضو الاتحاد الأوروبي عبر روسيا البيضاء.
ويقول الاتحاد الأوروبي إن توافد المهاجرين يجري تحت سمع وبصر بل وبإشراف من روسيا البيضاء في رد منها على العقوبات المفروضة عليها بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
لكن الجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان تتهم حكام بولندا من التيار القومي بانتهاك الحق الدولي في اللجوء عبر صد المهاجرين إلى روسيا البيضاء بدلا من قبول طلباتهم للحصول على الحماية
لكن بولندا تتذرع بأن أفعالها لها مبرراتها القانونية.
في ظل هذه الظروف القاسية والأحوال المضطربة، يقيم جوردي الآن في فندق ببلدة سيمياتيكزي بشرق بولندا، على بعد 30 كيلومترا فقط من الحدود، مع عدد قليل جدا من أقارب مهاجرين تقطعت بهم السبل على الجانب الآخر من الحدود على أمل وحيد هو مساعدة والديه على العبور إلى بر الأمان.
يقول جوردي إنه اشترى تذكرتي سفر لوالديه من سوريا إلى مينسك في منتصف أكتوبر تشرين الأول. وأثناء الاستعدادات للسفر، كان يعتقد أن المهرب سيأخذهما من الحدود وينقلهما إلى منزله في النمسا.
لكن عندما وصل والداه إلى منطقة الحدود المعزولة برا من مينسك وحاولا العبور، أصيبت والدته في ساقها. وقال جوردي، الذي يتواصل مع أبيه وأمه بطريق الرسائل النصية والصوتية، إنه عرف أن والدته نُقلت إلى مستشفى بولندي قريب، لكن تم تسجيل خروجها دون علاج مناسب ثم إعادتها مع والده مرة أخرى إلى روسيا البيضاء.
وقال متحدث باسم المستشفى إن من غير الممكن تسجيل خروج المرضى قبل اكتمال العلاج، لكنه لم يعلق على حالة والدة جوردي متذرعا بدواعي السرية حول حالة المريضة.
محاصرون في العراء مع اقتراب الشتاء
عرض جوردي على رويترز لقطات فيديو لمنطقة الأحراش التي حوصر فيها والداه برفقة 300 مهاجر آخر في انتظار المجهول مع قرب الشتاء.
وأظهرت اللقطات، التي أرسلها أحد المهاجرين هناك، ما يبدو أنهما جثتان على حد قوله. ولم يتسن لرويترز التحقق عبر مصدر مستقل من اللقطات أو المعلومات التي قدمها جوردي.
وقال الرجل "أمي ترفض أحيانا أن تتكلم معي"، موضحا أنها أصبحت تفضل الكتابة إليه حتى لا يلحظ الإرهاق العالق في نبرات صوتها.
يقول مسؤولون إن سبعة مهاجرين على الأقل عُثر عليهم ميتين داخل بولندا بعد إصابتهم بالأمراض.
حاول جوردي عدة مرات الاقتراب من الحدود لكن الشرطة كانت تعيده في كل مرة.
وقال لرويترز قرب الفندق الذي يقيم فيه "حتى لو أوقفوني فلا يمكن أن يمنعني أي قانون في العالم من مساعدة والدي".
لا يكف جوردي عن التحدث، من اللحظة التي يستفيق فيها من النوم، إلى وسائل الإعلام المحلية والجماعات الإنسانية بحثا عن مخرج لوالديه.
وكان جوردي الذي يعمل حلاقا مهاجرا ذات يوم واستقر في النمسا، إحدى دول الاتحاد الأوروبي، في 2010 بعد رحلة سافر فيها عبر تركيا وبلغاريا ورومانيا والمجر.
وقال نشطاء بولنديون لرويترز إنهم نصحوه بعدم دخول المنطقة التي فرضت فيها قيود حالة الطوارئ وهي عبارة عن قطاع عرضه ثلاثة كيلومترات على طول الحدود لأنه قد يتعرض للاعتقال أو الغرامة.
ويقول محامون مدافعون عن حقوق الإنسان إنه قد يواجه اتهامات بالتهريب في بولندا إذا قُبض عليه مع والديه.