مبادرات لإحياء الخط العربي في الشمال السوري

السوري اليوم - بدر حسين
الجمعة, 26 فبراير - 2021
استاذ الخط العربي مصطفى عبدالرحمن أثناء التدريب (خاص)
استاذ الخط العربي مصطفى عبدالرحمن أثناء التدريب (خاص)

يعد الخط العربي من الفنون الجميلة التي تتميّز بالحس الفني الراقي والذي اكتسب شهرة واسعة منذ القدم نظراً لجماله، وتعدد أنواعه وكثرة استخداماته في مجال الزخرفة وكتابة الآيات القرآنية والشعارات والزخارف وغيرها من الأمور الجمالية والتكميلية، وهو يعكس تطوّر الفكر الإنساني عبر تاريخ الأمة الإسلامية ويمثل العمق الحضاري العربيّ والاسلاميّ. 

وتشهد البلاد العربية وخصوصا سوريا تراجع كبير بالاهتمام بالخط العربي على عكس بعض الدول غير العربية التي تحتفي بالخط العربي وتوليه اهتماماً كبيراً مثل باكستان وتركيا، أن ما يميز الحضارة والتراث والفنون والإبداعات الإسلامية هو أنها تنتمي إلى الثقافة العربية الأصيلة وتعبر عنها.

أمام هذا الواقع وتراجع الاهتمام الثقافي والحضاري قام بعض المهتمين من الشباب بالخط العربي في الشمال السوري وبدعم من مركز مواهب وبالتعاون مع مؤسسة تعليم بلا حدود مداد بتنظيم دورة بالخط العربي أقيمت في مدينة مارع حيث تضمنت الدورة تعريف المتدرّبين على أنواع الخطوط العربية وتذكيرهم بالفن الذي أبدعته الحضارة الإسلامية العريقة في مختلف عصورها، الذي لا بد من تعلُّم هذا الفن الراقي والجميل.

أهمية تعليم الخط العربي للشباب

موقع "السوري اليوم" ألتقى مصطفى عبدالرحمن مدرب الدورة الذي حدثنا عن أهمية الخط العربي قائلا: أن تعلُّم الخط العربي له دور كبير في إحياء ثقافتنا العربية والإسلامية وهو إرثٌ حضاريٌ عريق وله تأثير إيجابي من الناحية الفيسيولوجية للجسم وصحة العقل والاستقرار العاطفي وخفض التوتر والتوافق العضلي والنفسي وزيادة التركيز لدى المتعلِّم، فالخط الجميل يعكس إيجاباً صحّة الإنسان الجسدية والعقلية والروحية.

وأضاف عبد الرحمن أن من إيجابيّات تعلُّم الخط إحداث تغييرات في دماغ المتعلِّم تعينه للتغلّب على تحديات الحياة والتّحكّم بالقلم بشكلٍ جيّد ويساعد ذلك على تعلُّم اللغة التي يكتب بها بشكل أسرع لاسيما لغتنا العربية بالإضافة إلى عامل مهمّ جداً وهو الثّقة بالنفس.

أنواع الخطوط العربية 

وعن أنواع الخطوط العربية بين عبد الرحمن أن للخط العربي العديد من الانواع منها:

خط الرقعة: هو من أسهل الخطوط العربية وأجملها ويتميّز بوضوحه وسهولة قراءته، وسمي بالرقعة لأنه كان يُكتبُ على رقاع من جلد، وكان للسلطان العثماني محمّد الفاتح دوراً هامّاً في ضبط قواعده وتطويره إلى أن غدا يضاهي الخطوط العربية الأخرى بجماله وحلاوة حروفه.

خط النسخ: هو خطّ القرآن الكريم ولقد كانت له عدة تسميات من قبل مثل البديع والمدوّر والمقوّر إلى أن ارتست تسميته بخط النسخ لكثرة نسخه واستعماله في نسخ الكتب ونقلها، ويتميّز بجماليّته وروعته، وقد كُتِبَ به القرآن الكريم منذ العصور الإسلامية الأولى ولاقى اعتناء الخطاطون المسلمون به واعتمدوه خطّاً أساسيّاً للقرآن الكريم.

خط الثلث: مأخوذة حروفه من خط النسخ ولكن بشكل أكبر وأضخم، وكان أول استخدام له في القرن الرابع الهجري، وسُمي بالثلث لأنه كان يكتب بثلث سمك قطر القلم.

الخط الفارسي: يتميّز هذا الخط بامتداداته ووضوحه، وقد سُمي بالفارسي نسبة للمسمّى الإقليمي (فارس) أي أن الإيرانيون هم أول من كتبوا به وطوّروه وأجادوا به وكان مستخلصاً من الرقعة والنسخ والثلث وأول ما كُتِب به في القرن السابع الهجري.

الخط الديواني: أو بما كان يعرف بالخط السلطاني، سُمي بالديواني نسبة لاعتماده في كتابة دواوين السلاطين زمن الخلافة العثمانية، وكان السلاطين العثمانيين والولاة يتناقلون الرسائل عن طريق هذا الخط، يتميّز الخط الديواني برشاقته وزخرفته وامتداداته الفنيّة المميّزة وقد استنسخت حروفه من خطّ الرقعة.

الخط الكوفي: هو امتداد وتطوير لحروف اللغة السريانية آنذاك، سُمي بالكوفي نسبة لمدينة الكوفة في العراق، وهو من الخطوط العربية العريقة وتتميّز حروفه بجمال الشكل الهندسي، كانت أكثر استخداماته على جدران المساجد من الداخل والخارج.

وأشار عبد الرحمن نحن العرب من واجبنا تعلُّم اللغة العربية بكل ما تحتويه من فن وإبداع ورسم للحروف، فهذه لغتنا لغة الضاد لغة القرآن الكريم، وإنني كمدرّب لمادة الخط العربي أُركّزُ الآن على تعليم خطّ الرقعة بدايةً فهو أساس لجميع الخطوط وبه ننطلق لتعلُّم باقي الخطوط الأخرى لأنه يتميّز بالسهولة والمرونة والرشاقة، ومن ثمّ أنتقل لتعليم خط النسخ وهو خط القرآن الكريم ... وهذا شرف لي أن أقوم بتعليم رسم حروف القرآن الكريم إن كان للمعلمين الذين لهم دور بتعليم الأجيال لاحقاً، وإن كان للشباب والطلاب في جميع مراحلهم الدراسيّة.

وختم عبد الرحمن كلامه أن أهميّة تعلّم مادّة الخط العربي من أساسيات التعليم ويجب إدراجها في مواد المدارس العربية كمادّة أساسية وليست كمادة ثانوية كما يحصل في مدارسنا الآن من تهميش لهذا الإرث الحضاري العريق والخط العربي بجميع أشكاله وفنونه هو علم بحد ذاته وهو حاجة ملحّة لمواجهة الحياة وصعوباتها خاصّة في زمننا هذا زمن الفتن والحروب.

 ومن جانبه قال المتدرب ياسر مرعي أنا متدرب في مركز مواهب لتعليم الخط العربي، أقدمت على هذه الدورة لندرة الدورات المماثلة في تعليم الخط العربي وخاصة كوني معلم مدرسة ولدي اهتمام بالخط العربي وفن كتابته.

وأشار مرعي لقد ساهمت دورة الخط العربي في تطويرنا في مجال الخط العربي وفن كتابته وتعلم قواعد الخط الأساسية وهذا سينعكس إيجابا على الصعيد الشخصي وعلى التلاميذ ﻷن معظم المتدربين معلمي مدارس وطلاب جامعات حيث أسعى الى نقل هذا الفن الى التلاميذ وكل من لديه رغبة في تعلم الخط واحياء التراث الاسلامي في الخط العربي.


الوسوم :