القائم بالأعمال البريطاني في لبنان مارتن لونغدن كتب عن تجربته في لبنان، معتبراً أن “من سبقه في منصب رئيس بعثة السفارة البريطانية مرّت عليهم أيام أفضل”، ورأى أن “الأزمات التي تضاربت أبهتت بريق هذا البلد الرائع والمضطرب، من انفجار المرفأ إلى جائحة كورونا إلى الانهيار الاقتصادي، مفقرة شعبه وواضعة المؤسسات العامة والخاصة معاً تحت ضغط لا يحتمل”.
لا حل في الأفق
وتحدّث عن الملف الحكومي قائلاً “من دون أي آفاق لقيام حكومة قادرة على السيطرة على الوضع، يتضاعف الخطر بثقله على مصير لبنان. على الرغم من كل ذلك، رسالتي وأنا على وشك مغادرة بيروت ليست رسالة قلق عميق، إنما هي أيضاً رسالة أمل، إذ أرى في لبنان بلداً يزخر بقدرات استثنائية، في خضم مشاكله العميقة المقلقة. أرض الأرز هي بلد فعلاً رائع: جماله الطبيعي أخاذ، من جباله إلى بحره، ثقافته الغنية والمتنوعة، وله شعب باجتهاده وإبداعه ينافس كل من في الشرق المتوسط ويتعداه إلى أبعد بكثير”.
وأضاف لونغدن “لا يمكنك إطلاق هذا المستقبل الأفضل إلا إذا تحرّرت من أغلال تاريخك وغيّرت بشكل بنيوي طريقة العمل السياسي والحكومي. فلبنان اليوم على أهم مفترق طرق على الإطلاق: في أي اتجاه نريد الذهاب؟ أعذروا أسلوبي الجاف: ولكن في قلب لبنان شيء عفن. ففشل جلب أي كان للمحاسبة وتحميله مسؤولية الانفجار الكارثي للمرفأ الصيف الماضي هو أكثر الأمثلة الدراماتيكية للدناءة وعدم المسؤولية التي تتميّز بها الكثير من الحياة اللبنانية. مؤسسات الدولة في حال خراب، والمصالح الخاصة محمية وميليشيا حزب الله تعمل بحرية من دون حسيب إلا نفسها. والنتيجة؟ تزداد النخبة غنى في حين يدفع الشعب في الخسارة عند كل منعطف”.
وتابع الدبلوماسي البريطاني “ناقشت مع كافة أطياف النخبة السياسية موضوع الطريق المسدود في السياسة اللبنانية والوضع المتردّي، وحذّرت من المخاطر التي يأخذونها والضرر الذي ينتج عنها بحياة الشعب. وأصررت على ضرورة المساومة من أجل تأليف حكومة شاملة لها سلطة القيام بالإصلاحات وضرورة تأمين دعم بنك النقد الدولي. لكن للأسف صدى كلماتي، كما كلمات أصدقاء لبنان الدوليين الآخرين، يصل آذان صماء.