تصدر المشهد الاقتصادي الداخلي في سورية خلال الفترة الماضية مطالبات عديدة لحكومة النظام السورية من أجل تحديد سعر صرف مخفض وواقعي،للدولار بهدف تمويل المستوردات، وفي الوقت ذاته هيّأت حكومة النظام لإصدار هذا التعديل عبر وسائل إعلامها المختلفة.
مؤخرًا ، حددت سعر الصرف للمستوردات بـ 2525 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، وبعمولة لا تتجاوز 10 بالمئة.
إيجابيات وسلبيات لرفع دولار المستوردات:
أكد "محمد الحلاق" أمين سر اتحاد غرف التجارة الرسمي ، المعترف به من قبل النظام ، أن مجرد وضوح وتحديد سعر الصرف وزيادة عدد المستوردين سوف يؤدي حتماً إلى استقرار أسعار المواد وبالتالي تخفيض هوامش المخاطرة والربحية عند التجار.
واضاف مبررا ارتفاع الاسعار الهائل بالإشارة الى ماأسماه "ازمة كورونا العالمية "فقال إن " أزمة كورونا وانعكاسها عالمياً أديا إلى ارتفاع مصاريف النقل الخارجي بشكل كبير جداً ، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن الحاوية التي كانت تكلف 2000 دولار مثلاً من شرق آسيا ارتفعت تكاليفها اليوم من 8 إلى 10 آلاف دولار الأمر الذي كان سبباً أساسياً في عدم انخفاض الأسعار."
ولكنه أشار إلى أن الخطوات المتخذة من قبل حكومة النظام في هذا السياق هي إيجابية ظاهريًا، ومن المفترض أن ينعكس هذا الأمر على واقع الأسواق والأسعار، لكن المشكلة الحقيقية جاءت بعد ارتفاع سعر الصرف الجمركي من 1250 إلى 2525 وبالتالي أدى هذا الأمر إلى مضاعفة الرسوم الجمركية والنفقات التي يتكبدها المستورد على البضائع المستوردة.
وأضاف "الحلاق": "إن المصرف المركزي يسعى لوضع سعر واضح لكل المواد لكن رفع سعر الصرف الجمركي له إيجابيات وسلبيات انعكست على الأسواق... مثلاً الحاوية التي كانت تكلف 15 مليوناً أصبح التخليص الجمركي لها يكلف 30 مليوناً وبالتالي أدى هذا الأمر إلى ارتفاع المصاريف والنفقات المدفوعة من قبل المستوردين."
واستطرد معترفًا: حتى لا نكون مجحفين لا نستطيع أن ننكر أن هناك انخفاضاً في الأسعار على المواد لكن ليس بمستوى الطموح.
وخلص الحلاق إلى القول: إن المشكلة الحقيقية اليوم هي أنه لا يمكن لأي أحد أن يعمل في السوق بشكل مرن لأن هناك تشريعات جعلت العمل أصعب.
جوهر المشكلة في القوانين المطروحة:
يرى مراقبون أن عدد من القوانين التي طرحتها حكومة النظام السوري في الفترة الأخيرة تحت مسمى "ضبط الأسعار" و "تمويل المستوردات" وما شابه، ما هي إلا محاولة لنقل المشاكل الموجودة من إحدى كفتي الميزان إلى الأخرى. فعلى سبيل المثال: تقوم الحكومة بتمويل المستوردات بسعر صرف مخفض من جهة لكنها ترفع الضرائب والجمارك من جهة أخرى، وفي هذه الحالة يكون التقدم الحاصل في محاربة الغلاء والتضخم غير جدير بالذكر، وقد يمكن القول إن الأمر لا يتجاوز كونه تلاعبًا بالقوانين والتشريعات بحسب البعض.
في هذا السياق نقل احد المواقع المقربة من النظام كلام عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق "ياسر أكريم" الذي أكد أن تحديد أو تخفيض سعر الصرف يجب ألا يترافق مع رفع التكاليف من جهة أخرى مثل الضرائب والجمارك وسرعة وصول البضائع والنقل، التي ارتفعت أسعارها أضعاف مضاعفة. والأهم من كل هذا يجب أن يكون هناك دخل مناسب للمواطن بحيث لا يكون لهذه المتغيرات تأثير على حال المواطن لأن زيادة الأسعار أحياناً تكون عالمية لكنها لا تنعكس على المواطن لأن لديه دخلاً كافياً والتنافس هو المعيار، مؤكداً ضرورة استقرار سعر الصرف وتحسين دخل المواطن. والأهم أن الأزمة الاقتصادية لا تحل إلا بطرح مشاريع جديدة واستخدام يد عاملة جديدة بحيث يتوازن الدخل مع سعر الصرف.