يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن اللاجئين السوريين وهل تراهم يدعمون اقتصاد الدولة المتواجدين بها أم أنهم عالة عليه، ومن هنا قام "السوري اليوم" بحواره مع الخبير الاقتصادي فراس العلي المتواجد بتركيا والذي أوضح أن رأس المال السوري لعب دورا إيجابيا في دعم الاقتصاد التركي وقال "لا نريد المبالغة بالقول أن الاقتصاد التركي قام على أكتاف السوريين، ولكن لا بد من الإشارة إلى الدور الإيجابي الذي لعبه السوريون به، يمكننا تقسم رأس المال السوري في تركيا إلى شقين أحدهما مادي والآخر اجتماعي، وكلاهما ساهما بدعم اقتصاد تركيا لا سيما في الفترات التي حصل فيها انفتاح في تحرك السوريين وتنقلهم لنجد أن بعض الإحصاءات تقول بأن السوريين من الخمسة الأوائل الذين ساهموا بمجمل مجالات الاستثمارات التجارية والصناعية ناهيك عن اليد العاملة".
وأضاف العلي "يوجد في تركيا ثلاثة ونصف المليون لاجئ سوري إضافة إلى ما يقارب السبعمئة ألف آخرين في المخيمات، وبالتالي يمكننا أن ندرك أن كل هؤلاء يقومون بعمليات استهلاك وشراء واستئجار، وعندما يكون هناك استهلاك كبير فإن ذلك يعني بالضرورة أن هناك معامل تنتج وشركات تسوق ومحال تقوم بعمليات تجارية وهذا بكل تأكيد يحرك الاقتصاد التركي "وبين الخبير الاقتصادي أن الطبقتين المتوسطة والغنية هي أكثر من يستفيد من وجود السوريين فيما يمكن أن نتحدث عن بعض الأثار السلبية التي تطال الطبقة الفقيرة أو العاملة بتعبير أصح والتي نافستها إلى حد ما العمالة السورية".
من صميم الواقع:
"بعد سنوات خمس من العمل في السوق التركية قمت بتنظيم العديد من المجموعات السياحية القادمة من الدول العربية، كما قمت باستقدام العديد من الوفود العربية إلى استنبول وتوفير فرص عمل لعدد لا بأس به من السوريين والأتراك، إذ تشترط القوانين التركية توظيف عامل تركي مع كل سبعة عمال أجانب ناهيك عن المحاسب التركي المفترض تواجده في ملاك الشركة". هكذا قال لنا رجل الأعمال السوري أحمد الحموي الذي يملك شركة سياحية بمنطقة الفاتح في استنبول.
الحموي وفي حديثه مع "السوري اليوم" قال: "منذ قدمت إلى تركيا قمت بإنشاء شركتي الخاصة، لا يمكنني أن أعيش في هذا السوق الكبير دون عمل يعيلني وأسرتي، وقد وجدت تسهيلات كبيرة وقتها من الحكومة التركية شأني بذلك شأن كل المستثمرين العرب الحاملين لجنسيات أخرى"
قصة الحموي لم تكن غريبة البتة عن بقية السوريين فمن يتجول في شوارع تركيا والمدن التي ينشط فيها التواجد السوري يستطيع أن يتلمس البصمة السورية ويستطيع ان يجد النشاط السوري في السوق الاقتصادي التركي سواء من ناحية المشاريع المشادة أو من ناحية العمل ضمن مشاريع تركية مشادة أصلا ويلعب فيها السوري دور المسوق لدى الجاليات العربية الوافدة.
بلغة الأرقام:
تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 6500 شركة سورية تم إنشائها في تركيا منذ 2011 وتعمل برأس مال يقدر بأربعة مليارات دولار، وبحسب تحليلات فإن السوريين يضخون سنويا ما يقارب الثمانية مليارات ليرة تركية من خلال الضرائب وأجار المنازل ناهيك عن الفواتير الشهرية التي تدفع إلى شركات المياه والغاز والإنترنت والكهرباء، وفيما بين لنا فراس العلي أن السوريون قاموا بشراء ما لا يقل عن مليون ونصف المليون شريحة اتصالات تركية، أوضح أنه وبحسبة بسيطة يمكن لنا تخيل حجم الأموال الداخلة إلى شركة الاتصالات من خلال استعمال تلك الشرائح وبشكل دوري.
العلي وفي حواره معنا بين أن مناطق تركية نائية قدمت إليها الحياة بوفود السوريين إليها وارتفعت أسعار الآجارات بها بشكل كبير كمنطقتي أسنيورت وبيليك دوزو والسلطان بيلي في مدينة استنبول، وفيما أوضح أن رأس المال السوري المستثمر في تركيا هو ذاتي المصدر أشار الخبير الاقتصادي إلى ضخ كميات كبيرة من العملة الأجنبية عن طريق الاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة تحت بند المساعدات ومرت حتماً عن طريق المصرف المركزي التركي، وهو ما ساهم بدعم الليرة التركية فترة أزمتها، ناهيك عن إنفاق كل هذه المساعدات في السوق الاقتصادي التركي.
على صعيد الاستثمار العقاري كان للسوريين دوراً خافتاً بحسب "العلي" إذا لا تسمح القوانين التركية للسوريين بالتملك في أراضيها وهذا يعود لقانون موجود قبل عام 2011، لكن هذا الموضوع بدأ يتلاشى لما منحت الجنسية التركية إلى بعض السوريين، وفيما بين العلي أن كثير من السوريين لديهم القدرة على شراء العقارات لو أتاحت لهم القوانين ذلك، أكد أن جميع الأحزاب التركية تدرك الدور الإيجابي الذي لعبه السوريون في الاقتصاد التركي، وأن أي قرار يمس وجودهم سيلقي بآثاره السلبية على الاقتصاد التركي.
هذا وتشير بعض الإحصاءات إلى أن المستثمر السوري يحتل المركز الأول بين العرب المستثمرين في تركيا فيما يحتل وبحسب مصادر تركية رسمية مركزا ثانياً بعد المستثمر الألماني.