بعد عشر سنوات على مقتل مؤسس تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، على أيدي القوات الأمريكية في باكستان، تحدّث المدير السابق للـ”سي آي أيه” جون برينان، الذي كان كبير مستشاري أوباما في مكافحة الإرهاب، عمّا وصفها بالعملية “الأكثر صعوبة وسرية والأفضل تخطيطا” في مسيرته المهنية قائلا: “عملية القوات الخاصة التي قتل فيها بن لادن في 1 أيار/ مايو 2011 عالية المخاطر”. وحذّرت “سي آي أيه” من أن معلوماتها الاستخباراتية تحتاج إلى التحقق من صحتها، لكن عمّت الحماسة خلال اجتماع بشأن احتمال القبض على أهم هارب مطلوب من قبل الولايات المتحدة. وعلى مدى الشهور التالية، ازداد يقين المراقبين في وكالة الاستخبارات بأن الشخص الملتحي طويل القامة الذي شوهد يتمشى داخل مجمّع في أبوت آباد في باكستان كان بن لادن.
الاستعداد للتحرك
بحلول أواخر كانون الأول/ديسمبر، كان أوباما مستعدا للتحرّك. وفي سرية تامة، بدأ مسؤولو البيت الأبيض يفكّرون بالعملية بينما وضعوا أمامهم على الطاولة نموذجا للمجمّع. وكان من بين الخيارات ضربة صاروخية موجّهة، إلا أنها كانت لتتركهم من دون دليل على أنهم قتلوا بن لادن. وأما الخيار الثاني فهو هجوم بمروحية في ليلة مظلمة، وكان يحمل مخاطر كبيرة للغاية، إذ قد يقتل الجنود الأمريكيون في تبادل لإطلاق النار أو قد ينخرطون في مواجهة مع الجنود الباكستانيين، الذين لم يتم إبلاغهم بالعملية. ومع وصول التحضيرات إلى مراحل متقدّمة في مطلع عام 2011، كان خبير رفيع مختص ببن لادن لدى الـ”سي آي أيه” على يقين بنسبة 70٪ بأن الشخص كان بن لادن فعلا.
بداية العملية
وفي 28 نيسان/أبريل 2011 التقى أوباما بكبار المسؤولين في غرفة العمليات في البيت الأبيض الموجودة تحت الأرض. ويستذكر برينان أن “أوباما أراد الاستماع لوجهات نظر الجميع”. وكان من بين الرافضين للعملية وزير الدفاع روبرت غيتس، والرئيس الأمريكي الحالي الذي كان نائب أوباما آنذاك جو بايدن، لكن الأغلبية كانت مع العملية. وفي صباح اليوم التالي، أعطى أوباما الضوء الأخضر للقوات الخاصة بعد ظهر الأحد بتوقيت الولايات المتحدة، بينما واصل برينان مراجعة الخطة. وتجمّع كبار مسؤولي الأمن والدفاع في غرفة العمليات الأحد للتحضير. ومع مغادرة المروحيات أفغانستان في رحلة مدّتها 90 دقيقة إلى أبوت آباد، تجمع المسؤولون في غرفة جانبية حيث راقب الجنرال براد ويب الأحداث من حاسوب محمول، فيما كان يتواصل مباشرة مع قائد العمليات الخاصة الأميرال بيل ماكرايفن. وتظهر صورة شهيرة من البيت الأبيض أوباما وبايدن وبرينان وغيرهم من المسؤولين متجمّعين حول ويب، بينما يراقبون عبر الفيديو بصمت أحداث العملية.
تحطم مروحية
وتحطّمت إحدى المروحيات أثناء هبوطها وكان سيتوجب إرسال أخرى للدعم. ولم يتوافر بث عبر الفيديو من داخل المجمّع نفسه. وبعد نحو 20 دقيقة “تلقى ماكرايفن من المهاجمين عبارة: جيرونيمو جيرونيمو”، وفق برينان، قُتل بن لادن. ويستذكر برينان أن رد الفعل الأول كان الارتياح. ويقول: “لم يكن هناك تصفيق أو احتفال. كان الشعور هو أنه تم تحقيق إنجاز”
ويعترف برينان بأن العملية كانت محفوفة بالمخاطر. وتابع: “لكن كما قال الرئيس، حتى وإن كانت الفرص 50-50، كانت الفرصة الأفضل التي لدى الولايات المتحدة على الإطلاق للقبض على بن لادن”. ويؤكد: “كانت حتما المخاطرة الصحيحة التي كان ينبغي القيام بها في التوقيت الصحيح” .