تواصلت الحرب بين إيران وإسرائيل لليوم التاسع على التوالي، وسط تصعيد عسكري غير مسبوق وهجمات متبادلة طالت العمق داخل كلا البلدين، في وقت تشهد فيه الجهود الدبلوماسية تعثراً واضحاً، رغم تحركات تقودها الولايات المتحدة وأطراف أوروبية في محاولة لاحتواء التصعيد.
ونقلت شبكة CNN عن مسؤول إيراني رفيع أن طهران غيّرت استراتيجيتها الصاروخية، مشيرًا إلى أن إيران “تستخدم صواريخ دقيقة ومتطورة ضد أهداف حساسة بدلاً من الاعتماد على كثافة النيران”، ما يشير إلى تحوّل نوعي في التكتيك الإيراني.
في المقابل، تواصلت الضربات الإسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي اغتيال أمين فور جودخي، قائد فرقة المسيّرات في الحرس الثوري الإيراني، في غارة جوية استهدفته في الأهواز، إلى جانب مقتل سعيد إيزادي، قائد “فيلق فلسطين”، في هجوم على شقة بمدينة قم، وفق ما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس.
وفي تطور لافت، ذكرت هيئة البث العبرية أن سلاح الجو الإسرائيلي نفّذ هجمات استهدفت مخازن صواريخ في وسط إيران، ترافقت مع انفجارات عنيفة في قم وأصفهان وخرمآباد وإيلام، وسط تفعيل الدفاعات الجوية في طهران وكرج.
وأكدت السلطات الإيرانية في محافظة قم مقتل شخصين وإصابة أربعة آخرين في غارة على مبنى سكني في حي سالاريا، بينما تحدّثت وسائل إعلام عبرية عن اغتيال “شخصية بارزة” لم تُكشف هويتها بعد.
وفي موازاة التصعيد، كشفت فوكس نيوز أن إسرائيل تدرس تنفيذ عملية عسكرية ضد منشأة فوردو النووية، تشمل احتمال إنزال وحدة كوماندوز من “الوحدة 5101” التابعة لسلاح الجو.
دبلوماسية تحت النار
من جهتها، قالت واشنطن بوست إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدعم جهود وساطة تجري في جنيف لمحاولة تهدئة الأزمة، مشيرة إلى أنه أجرى مشاورات مع مانحين وشخصيات سياسية وإعلامية لتحديد موقفه من التصعيد.
وبحسب الصحيفة، فإن ترامب يرفض امتلاك إيران للسلاح النووي، لكنه في الوقت نفسه يتردد في دعم خيار الحرب، ما تسبب في خلافات حادة داخل فريقه السياسي بين داعمي الضربة ومعارضيها.
وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن مستشار الأمن القومي ويتكوف لم يسافر إلى جنيف، لكنه يواصل الاتصالات مع مسؤولين إيرانيين عبر وسطاء.
شروط إيرانية وتعقيد نووي
في تصريح نقله مراسل CNN، شدد مسؤول إيراني على أن طهران لن تعود للمفاوضات مع واشنطن ما لم تتوقف الهجمات الإسرائيلية، وهو ما أكده أيضًا وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي اتهم واشنطن بـ”خيانة الدبلوماسية” عبر السماح لإسرائيل بتوجيه ضربات داخل إيران.
وأوضح عراقجي أن منشآت اقتصادية إسرائيلية تم استهدافها ردًا على الهجمات، معلنًا عن زيارة مرتقبة إلى موسكو للقاء الرئيس فلاديمير بوتين يوم الاثنين المقبل.
في السياق ذاته، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن إيران أبلغت دبلوماسيين أجانب بعدم نيتها وقف تخصيب اليورانيوم، في حين أشارت نيويورك تايمز إلى أن ضربة إيرانية سابقة استهدفت مبنى لوزارة الداخلية في حيفا، ما تسبب بأضرار جزئية.
وذكرت شبكة CBS أن أمام الوساطة الدولية فرصة أخيرة خلال أسبوعين لتفادي حرب أوسع، وسط محادثات سرية حول مستقبل القيادة الإيرانية وضمان حماية المواقع النووية.
أفق دبلوماسي ضيّق
رغم نفي التواصل المباشر بين طهران وواشنطن، كشف موقع “أكسيوس” أن محادثات أولية جرت بين مسؤولين إيرانيين وأوروبيين، تم الاتفاق خلالها على عقد جولة تفاوضية جديدة الأسبوع المقبل، مع استعداد إيران لمناقشة قيود على التخصيب دون التحدث مباشرة مع الأميركيين.
أما من الجانب الإسرائيلي، فقد أكد وزير الخارجية جدعون ساعر أن تغيير النظام في إيران “ليس هدفًا معلنًا”، موضحًا أن الحكومة تركّز على تحييد التهديدات العسكرية وليس الدخول في معركة وجودية مفتوحة.