في تحول نوعي لأساليب الردع، كشفت منصة "إيكاد" عبر تحليل مرئي وجغرافي أن الضربات الصاروخية التي نفذتها إيران ضد إسرائيل، بدءًا من 13 يونيو الجاري، استهدفت مواقع ذات أهمية استخباراتية وعسكرية بالغة الحساسية، ضمن ما وصفته بـ"بنك أهداف مدروس"، وليس هجمات عشوائية كما رُوّج.
■ محيط وزارة الدفاع في تل أبيب: قلب القيادة العسكرية
مع بداية القصف، سقط صاروخ إيراني في محيط وزارة الدفاع الإسرائيلية وسط تل أبيب، بحسب مشاهد تداولتها حسابات إسرائيلية. ووفق تحليل إيكاد، فإن المنطقة المستهدفة تضم مجمع "هكيريا"، الذي يُلقّب بـ"بنتاغون إسرائيل"، ويحتضن هيئة الأركان العامة، وزارة الدفاع، ومراكز قيادة واستخبارات، بما فيها مجلس الحرب وبرجي "مارغانيت" و"ماتكال".
تعد هذه المنشأة من أكثر المواقع تحصينًا في إسرائيل وفقًا لصحيفة Economic Times.
■ استهداف معهد وايزمان: ضربة للبحث النووي والعلمي
بعد يومين من الضربة الأولى، أُظهر قصف في محيط معهد وايزمان للعلوم في مدينة رحوفوت جنوب تل أبيب، وفق ما وثقته كاميرات مراقبة.
أظهر تحليل إيكاد أن القصف طال مبنى "Andre Deloro" المتخصص في المواد الكيميائية المتقدمة، الذي بدأ العمل فيه عام 2021.
يُعرف المعهد بتاريخه المرتبط بتطوير الأبحاث النووية، ويضم أكثر من 250 مجموعة بحثية علمية. كما ساهم خلال حرب 1948 في تطوير الأسلحة والذخائر.
■ هرتسيليا.. مقر الموساد تحت القصف
في 17 يونيو، عرضت مشاهد مصوّرة استهدافًا لمحيط مقر جهاز الموساد في هرتسيليا – تل أبيب الكبرى.
وبتحليل بصري وجغرافي، أكدت إيكاد أن الهجمات طالت فعلاً المقرّ، في استهداف نادر لأحد أعمدة الاستخبارات الإسرائيلية، والمسؤول عن العمليات الخارجية، الاغتيالات، وجمع المعلومات.
يشتهر الموساد بعمليات مثل اغتيال محمود المبحوح في دبي عام 2010، وسرقة الأرشيف النووي الإيراني عام 2018.
■ ضربات على شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"
في اليوم ذاته، وثقت مقاطع مصوّرة استهداف أربع نقاط حول مقر شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، أحد أهم أذرع جمع وتحليل المعلومات ضمن الجيش الإسرائيلي.
تقع الشعبة في هرتسيليا، وتضم وحدات فاعلة مثل:
- الوحدة 8200 للتنصت الإلكتروني
- الوحدة 9900 لتحليل الصور الفضائية
- الوحدة 504 لتشغيل العملاء في مناطق العدو
■ إستراتيجية جديدة: تفكيك العقل الاستخباراتي
تشير إيكاد إلى أن الهجمات الأخيرة تعكس تغيرًا في العقيدة الإيرانية، إذ باتت تستهدف صميم الهيكل الاستخباراتي والعقلي لإسرائيل، وليس المواقع العسكرية فحسب.
الحرس الثوري الإيراني صرّح بأن الضربات ستستمر حتى تفكيك "جميع المكونات الحيوية للآلة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية".
كما تميزت الضربات باستخدام مكثف للصواريخ والمسيرات لتشتيت الدفاعات الجوية، في تطور يُعدّ تجاوزًا لخطوط حمراء اعتادت طهران تجنبها سابقًا، مما يشير إلى مرحلة جديدة في قواعد الاشتباك بين الطرفين.
توقعات شكل الضربات القادمة
بعد الضربات الأخيرة التي استهدفت مراكز استخباراتية وعسكرية حساسة في إسرائيل، يُتوقع أن تواصل طهران تصعيد هجماتها في الفترة القادمة، خصوصًا ضد مواقع حيوية تتعلق بالقرار العسكري والاستخباراتي. قد تتخذ الضربات شكلًا متكاملًا يعتمد على استخدام الصواريخ والمسيرات، مع التركيز على إضعاف القدرة الاستخباراتية لإسرائيل بشكل رئيسي.
كما أن التحليل العسكري يُظهر أن إيران قد تبدأ في توسيع دائرة أهدافها لتشمل منشآت حيوية أخرى في قلب إسرائيل، خاصةً تلك المتعلقة بالصناعات الدفاعية والتقنيات المتقدمة. مع استمرار التصعيد، من المرجح أن تشهد المنطقة مزيدًا من التشابك العسكري في محاولات لتعطيل البنية التحتية العسكرية للإسرائيليين.
وفي ظل هذا التوجه، قد يزداد الضغط على دفاعات إسرائيل الجوية، ما يجعل من التكتيكات الإيرانية القادمة أكثر تنوعًا وابتكارًا، مع محاولة لإرباك القيادة العسكرية والأمنية الإسرائيلية.