تتواصل تداعيات الضربات الإسرائيلية المكثفة داخل العمق الإيراني، وسط مؤشرات على دقة غير مسبوقة في إصابة الأهداف الحيوية، ما يكشف على نحو متزايد حجم الاختراق الأمني الذي تعاني منه طهران، لا سيما في مؤسساتها العسكرية والاستخباراتية.
وفي تطور بالغ الدلالة، أعلنت الشرطة الإيرانية القبض على عنصرين تابعين لجهاز الموساد الإسرائيلي في منطقة جنوب شرق طهران، كانا بحوزتهما أكثر من 200 كيلوغرام من المتفجرات و23 طائرة مسيّرة، إضافة إلى قاذفات، وأجهزة توجيه وتحكم متطورة، كانت معدّة لتنفيذ عمليات نوعية في العاصمة.
مصادر أمنية محلية وصفت العملية بـ"الخطيرة"، مشيرة إلى أن اعتقال العملاء تم بعد عمليات تتبع مطولة، في حين رجحت مصادر أخرى أن الخلية جزء من شبكة تجسس وتنفيذ أوسع تمكنت من التسلل إلى مؤسسات إيرانية حساسة، بينها النيابة العسكرية وبعض مراكز جمع المعلومات التابعة للحرس الثوري.
ضربات دقيقة.. وغياب الردع الكامل
تأتي هذه التطورات بعد أيام من تعرض خزان نفط استراتيجي في منطقة شهران شمال غرب طهران ومخزن وقود جنوب العاصمة لهجمات مباشرة نُسبت لإسرائيل، تسببت في انفجارات ضخمة وانقطاع واسع للكهرباء، إلى جانب قصف منشآت أخرى غرب المدينة. وأشارت التقارير إلى أن الطائرات المسيرة استخدمت طرقًا بالغة التعقيد للالتفاف على أنظمة الدفاع الجوي، ما يعزز فرضية وجود تنسيق استخباراتي داخلي سهّل تنفيذ العملية.
إيران لم تستخدم أوراقها بعد
ورغم التصعيد العنيف، فإن مصادر مطلعة في طهران أكدت أن إيران لم تستخدم بعد أسلحتها المتطورة أو الاستراتيجية في أي من العمليات العسكرية الجارية، موضحة أن منظومات مثل صواريخ "فاتح 2" و"سجّيل" والجيل الجديد من صواريخ "خرمشهر"، التي يتجاوز وزن رؤوسها الحربية الطنين، لا تزال محفوظة لـ"مرحلة لاحقة إذا ما قررت القيادة الإيرانية توسيع نطاق الرد أو الدخول في مواجهة شاملة".
ويرى مراقبون أن هذا النوع من السلاح الاستراتيجي قد يُحدث تحولًا نوعيًا في ميزان المواجهة، إذا ما تم استخدامه، لكن قرار التفعيل يظل مرهونًا بقراءة إيران لحجم التهديد الحقيقي وحدود الرد الإسرائيلي والأميركي المحتمل.
يرجّح محللون أن تكون إيران بصدد إعادة تقييم منظومتها الأمنية بالكامل، بعد نجاح الموساد في التسلل إلى عمق مؤسساتها، في وقت تحاول فيه القيادة العسكرية الحفاظ على هامش الردع، دون الانجرار إلى مواجهة شاملة قبل أن تكتمل الاستعدادات.