العنف المنزلي والعنف القائم على النوع الاجتماعي
على مدى عقد كامل تقريبا، تسببت المواجهات التي تحولت الى نزاع مسلح وانعدام الامان إلى مغادرة ملايين السوريين بيوتهم وبلداتهم ونزوحهم إلى أماكن أخرى في سوريا أو لجوئهم إلى الخارج.
العديد منهن من النساء، وذلك بسبب فقد الكثير من الرجال في القتال أو الاعتقال أو الإعدام الميداني، مما يترك أُسراً كثيرة تعيلها النساء سواء كن أمهات أو بنات، اللواتي وصلن إلى مخيمات اللاجئين أو المجتمعات دون مال أو آفاق أو استعدادات للتحديات الفريدة التي سيواجهنها.
على مدى السنوات العشر الماضية، وقعت سوريا في صراع طويل الأمد تصاعد إلى أزمة إنسانية كاملة. كان لهذا تأثير أساسي على اللاجئات السوريات، فالكثير منهن يصلن إلى مخيم رسمي أو مجتمع غير رسمي بلا مال ولا آفاق، والمسؤولية الجديدة المتمثلة في كونهن ربات أسرة (سواء كان ذلك مجرد أطفالهن أو ممتلكاتهن. الأسرة). كل هذا يأتي مع مجموعة من التحديات الفريدة.
قبل بدء الحرب، وطوال معظم القرن العشرين، كانت المساواة بين الجنسين في سوريا موضع نقاش وخطاب. (في الواقع، كان هناك الكثير من العلامات الفارقة لنساء سوريات منذ مطلع القرن، صادف عام 1919 الذكرى المئوية الأولى لأول منظمة نسائية في البلاد، نور دمشق). ومع ذلك، فإن العديد من الأعراف والتقاليد وحتى القوانين السورية التي تحكم حقوق المرأة قد تبدو رجعية مقارنة بالدول الأخرى. لم تحصل النساء على حق التصويت في الانتخابات الوطنية إلا في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي. يُسمح للنساء بالعمل ولكنهن ما زلن يشكلن نسبة صغيرة فقط من القوى العاملة قبل الحرب. لا يزال الزواج في سوريا عقدا بين الزوج ووالد زوجته.
كانت "هناء" البالغة من العمر 50 عاماً معلمة في مدرسة ابتدائية في سوريا قبل أن تفر إلى لبنان في عام 2014. وهي تعيش الآن بمفردها في مركز جماعي خرساني يضم عشر عائلات لاجئة، تم بناؤه في الأصل لإيواء الدجاج.
شاركت "مها" في مجموعة نسائية لمدة 12 أسبوعاً نظمتها إحدى المنظمات الإنسانية، والتي قدمت برامج للدعم النفسي والاجتماعي، ومناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وإدارة قضايا الحماية، وساعدت في تعميم ثقافة تعزيز المساواة بين الجنسين.
قالت: "أحب الجلوس مع نساء أخريات في المجموعة والتحدث معاً". "عندما نشارك مشاكلنا، أرى مشكلتي صغيرة."
العنف المنزلي والعنف القائم على النوع الاجتماعي
لا يستطيع العديد من اللاجئين السوريين في الدول المجاورة لسوريا (لبنان، مصر، الاردن .. العراق) العثور على عمل في أغلب الأحيان، وتصبح إعالة أسرهم عملاً صعبا في غياب المظومة الاجتماعية التي اعتادوا عليها لحمايتهم في قريتهم أو أسرتهم الممتدة. ونتيجة لذلك، فإن دورهم التقليدي داخل الأسرة قد تعطل خلال العقد الماضي، مما أدى إلى التوتر وانخفاض احترام الذات. مع تزايد الفقر واليأس لدى الرجال، تحول إحباطهم بشكل متزايد إلى عنف جسدي تجاه زوجاتهم.
أفادت كثير من النساء اللاجئات، أن التوتر أدى إلى أن يكونوا عنيفين تجاه أطفالهم أيضاً. نظراً للطريقة التي يُنظر بها إلى الزواج والعنف المنزلي تقليدياً وقانونياً في البلاد، فإن معظم النساء يترددن في ترك أزواجهن وشركائهن.
وفي ظل جهل هذه الأسر بأغلب الخدمات المقدمة من المنظمات الدولية والمدنية المحلية، لا يدرك الكثيرون أن الخدمات الاجتماعية متاحة لهم في هذه الحالة والتي تشمل الاستشارات النفسية والدعم الاجتماعي.
حتى لو كانت المرأة غير متزوجة أو في بيئة منزلية آمنة، فإنها قد تظل عرضة للعنف القائم على النوع الاجتماعي (بما في ذلك الاعتداء الجنسي، والزواج القسري، وجرائم الشرف).
في لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 30٪ من اللاجئين السوريين، لا توجد مخيمات رسمية لمن يعيشون في حالة نزوح. هذا يعني أن العديد من السوريين في البلاد يجدون مخيمات غير رسمية أو مبانٍ مهجورة تؤجر للاجئين، أو أماكن إقامة أخرى لا توفر سوى القليل من الأمن أو الحماية.
"لا أستطيع النوم في الليل حيث لا يوجد ساتر حماية ولا نوافذ". "لا أشعر بالأمان" هذه الجمل تتردد على السنة النساء عندما يتكلمن عن معاناتهن ..، ذلك بالاضافة الى مواجهتهن باعتداءات متدرجة من التحرش اللفظي والجسدي.