شبح المجاعة في سوريا ناقوس الفقر يطرق أبواب السوريين

صورة تعبيرية لطفلان يأكلان كسرات الخبز اليابس (إنترنت)
صورة تعبيرية لطفلان يأكلان كسرات الخبز اليابس (إنترنت)

أمر مريب لم يتوقعه السوريون حدوث مجاعة في سوريا ... الأرض التي تفيض لبنا وعسلا وتجود فيها زراعة القمح والخضار والفواكه. بل أن سهل حوران الممتد بين جنوب سوريا وشمال الاردن كان يلبي حاجة الامبراطورية الرومانية من القمح رغم امتداد هذه الامبراطورية في قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا في الوقت آنذاك.

لاسيما ان سوريا الدولة الوحيدة في الشرق الاوسط التي تكتفي ذاتيا وتتوفر فيها احتياجات شعبها من الغذاء ما قبل 2011 الجدير بالذكر أن آلة حرب ميليشيا أسد الطائفية هي السبب الناجم لما آل إلية حال السوريين الآن

وكما اسموها بعض الناشطين السوريين سنة الجوع المشابهة لسنة 1916 في القرن الماضي وهي سنة 1916م الموافقة لسنة 1334 هجرية في عام 1914م، كانت الحرب العالمية الأولى قد بدأت، ودخلت فيها تركيا الاتحادية إلى جانب ألمانيا ضد الحلفاء، وعمدت الحكومة التركية إلى سحب الرجال للقتال، وصادرت الحيوانات، فقلّت اليد العاملة ونقصت مساحة الأرض المزروعة بنسبة وصلت لـ 40 بالمئة، وتجاوز النقص في الإنتاج الزراعي أكثر من 25 بالمئة، في موسم 1914 ــــ 1915م وحده، هذا عدا عن مصادرة المواد الغذائية، وخاصة القمح، لإطعام الجيش، ولازال النظام السوري يستخدم الطريقة ذاتها في مصادرة المادة الأساسية (الطحين) ومنع المزارعين في الغوطتين من زراعة الاراضي المحيطة

وفي السياق يجبر مزارعين محافظة درعا بيع تجار النظام مادة القمح المادة الأولية للطحين ومن ثم تصديرها للحكومة الروسية (روسيا الاتحادية) عبر ميناء طرطوس بعدما تمت سيطرة القوات الروسية عليه.

(ارتفاع قياسي في أسعار السلع)

بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، يواجه سكان مدينة دمشق التي تعتبر أقدم عاصمة في التاريخ، أزمة خانقة في توفير الخبز والمحروقات، وهي الأزمة الأشد في تاريخ البلاد، وأشار التقرير إلى أن النظام قلل خلال الأيام الماضية كميات الطحين المقدمة للأفران، ناهيك عن عدم توفر المحروقات، إلا من خلال الشراء من السوق السوداء، فيما لم تجد السلطات هناك حلا لهذا الأمر، إلا من خلال بطاقة إلكترونية، تقول إنها "ذكية".

ووفق المرصد، فقد بدأ النظام في سوريا منذ سبتمبر من عام 2019، بتوزيع الخبز عبر البطاقة الذكية، وذلك بعد التزاحم على شراء المواد الغذائية التي أصبحت أشبه بسلع غير متوفرة.

على وقع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بشكل غير مسبوق، شهدت معظم المواد الغذائية والتموينية، بينها السكر والأرز، فضلا عن اللحوم وحليب الأطفال وغيرها من المنتجات، ارتفاعا قياسيا في أسعارها منذ بداية العام، في وقت ترزح الفئة الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس عن الأمم المتحدة.

قال يانس لاركيه، المتحدث باسم "الأوتشا" في جنيف، إن الصراع في سوريا استمر تقريبا فترتي الحرب العالمية الأولى والثانية، مشيرا إلى أن جيلا من الأطفال لم يعرف سوى المصاعب والدمار والحرمان.

ومع تشريد أكثر من نصف سكان سوريا قبل الحرب - أي أكثر من 13 مليون شخص – داخل البلاد وخارجها، ردد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة الحاجة إلى الدعم الدولي في قمة التمويل في بروكسل.

أوضح "لاركيه" أن أكثر من 11 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا يحتاجون إلى المساعدة والحماية. وأن الاقتصاد في سوريا وفي جميع أنحاء المنطقة آخذ في الانهيار، بسبب الحرب ولكن أيضا بسبب تأثير كوفيد-19. ويتزايد عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير

تحليل

لا تشير المعطيات الحالية إلى تغيير دراماتيكي يمكن أن يحصل في الأشهر القادمة، حيث التجاذبات، والجهود مستمرة لإيجاد حل سياسي بين النموذج الذي تريده موسكو ويضمن لروسيا السيطرة الكاملة على سوريا والإشراف الكامل أيضا على الحل السياسي فيها، سواء ببقاء الأسد أو بتغييره، لكن بشروط تضمن له الخروج الآمن مع الحفاظ على نظامه مع بعض التعديلات التجميلية، وبين النموذج الذي يهتدي بالقرارات الدولية التي تفضي إلى انتقال سياسي.

لا سلام في سوريا ولا استقرار إلا عبر الانتقال السياسي، الذي يقتضي بالضرورة نهاية مرحلة وبداية أخرى، وهذا معناه نهاية حكم عائلة الأسد إلى الأبد.