صدر حديثاً عن دار قناديل للنشر كتاب "لهجة عشائر الجزيرة الفراتية السورية" للباحث مهند الكاطع، الذي يوثق الخصائص الصوتية والمعجمية واللهجية لعشائر محافظة الحسكة، المعروفة تقليدياً بـ"الجزيرة العُليا" السورية، الممتدة من ضفاف الخابور إلى حواف نهر دجلة.
يتميز الكتاب بتركيزه على الجوانب العلمية والثقافية، حيث يسعى لفهم الظواهر اللهجية في سياقها العشائري والاجتماعي والتاريخي، رابطاً إياها بجذورها العربية الفصيحة، ومبرزاً الامتدادات اللسانية المشتركة مع لهجات العراق والجزيرة العربية والخليج.
يتناول كتاب "لهجة عشائر الجزيرة الفراتية السورية" عدة محاور رئيسية تعكس عمق البحث وثراء المحتوى. حيث يركز الباحث مهند الكاطع على تحديد الخصائص الصوتية الفريدة للهجة عشائر الجزيرة، مما يساعد في فهم جوانبها المميزة. كما يسعى الكتاب إلى تتبع جذور المفردات ذات الأصول الفصحى أو النجديّة، مما يبرز العلاقات اللغوية التاريخية.
في جانبٍ آخر، يدرس الكاطع الظواهر الصوتية والنحويةمثل الإمالة، الوصل، والضمضمة، موضحاً كيف تسهم هذه الظواهر في تشكيل اللهجة. كما يتناول الكتاب تحليل المشترك اللفظي بين لهجة الجزيرة ولهجات بادية العراق، مما يسلط الضوء على التأثيرات المتبادلة بين هذه اللهجات.
لا يغفل الكتاب عن أهمية عرض الأمثال المحلية والأشعار الشفهية كمصادر لغوية غنية، مما يُعزز من فهم السياق الثقافي والاجتماعي لهذه اللهجة. من خلال هذه المحاور، يسعى الكاطع إلى تقديم رؤية شاملة تعكس هوية مجتمع محلي عريق، مؤكداً أن اللهجة ليست مجرد لهجة بل جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي.
يقول المؤلف الأستاذ مهند الكاطع: "هذا الكتاب هو محاولة لتكريم اللهجة لا كموروث عابر، بل كمكوّن في هوية مجتمع محلي ظلّ مهمشاً لغوياً لعقود طويلة، رغم وضوح أصالته."
يُعد هذا الإصدار مساهمة رائدة في ميدان اللسانيات الاجتماعية السورية، ومرجعاً أولياً في توثيق لهجات عرب الجزيرة السورية، وهو موجّه للباحثين في علم اللغة، والأنثروبولوجيا، والمهتمين بالثقافة البدوية والعشائرية السورية.
