في جرمانا، ينبض المعرض الاستثنائي "دولة فارماكون" بحكايات عن حرب تُخاض بالمخدرات، وسلطة تُمارس عبر الإدمان. في هذه الفعالية الفنية المجتمعية، يُكشف الوجه الخفي لعالم الكبتاجون، الذي كان أداة فعالة في إطالة أمد الحرب السورية، وفي الوقت ذاته يُسلط الضوء على الضحايا الذين حُكم عليهم بالصمت. "دولة فارماكون" هو ملتقى ثقافي وحقوقي يهدف إلى تفكيك العلاقة المعقدة بين المخدرات والحرب في سوريا، وكشف كيفية استخدامها كأداة قمعية لفرض السلطة على الأفراد والمجتمعات.
فكرة المشروع ودلالات التسمية:
اسم المشروع "دولة فارماكون" مستوحى من الكلمة اليونانية "فارماكون"، التي تحمل معنيين متناقضين؛ الأول "الدواء" والثاني "السم"، ما يعكس التناقض في استخدام المخدرات، التي كانت تُستخدم في العهد السابق ليس فقط كمصدر للتمويل، بل كأداة للسيطرة على الأفراد والمجتمع. يهدف المشروع إلى تحويل هذا التناقض إلى مساحة فنية تُعبّر عن عملية التعافي من "السم" السياسي والاجتماعي، ليُصبح العلاج والوعي جزءًا من العملية الترميمية للمجتمع السوري.
المعرض الفني:
افتُتح المشروع بمعرض فني ضم العديد من اللوحات والمنحوتات التي أعدها فنانو تجمع "تراكم" في جرمانا. قدمت الأعمال الفنية مجموعة واسعة من اللوحات الزيتية والفنية المعاصرة، إضافة إلى المنحوتات التي تناولت موضوعات الإدمان وتجارب السجناء في فرع مكافحة المخدرات. بحسب الفنانة رؤى بريك الهنيدي، فإن المعرض، المستوحى من الكلمة اليونانية "فارماكون"، يهدف إلى تجاوز مرحلة التدمير التي خلفتها المخدرات، والانتقال إلى مرحلة العلاج والتعافي، مؤكدًا على ضرورة تغيير النظرة تجاه المدمنين.
تفكيك العلاقة بين الحروب والمخدرات:
في حديث للجزيرة نت، أشار خالد بركة، صاحب فكرة المشروع وأحد المنظمين، إلى أن "دولة فارماكون" هي محاولة لتفكيك العلاقة المعقدة بين الحروب وتجارة المخدرات، وتسليط الضوء على كيفية استخدام النظام السابق المخدرات كأداة للقمع والسيطرة. وأضاف بركة أن المشروع يهدف أيضًا إلى تغيير القوانين الخاصة بالمخدرات في سوريا، بحيث تصبح أكثر عصرية وتتناسب مع الواقع الحالي للانتشار الواسع للإدمان في البلاد.
رسالة حقوقية وإنسانية:
المعرض لا يقتصر على كونه حدثًا فنيًا فقط، بل هو أيضًا دعوة لفتح النقاش حول القضايا الحقوقية المرتبطة بالإدمان، مثل ضرورة معالجة الظاهرة من جذورها عبر تقديم الدعم العلاجي والتعليمي، بدلًا من العقاب. وفي هذا السياق، يسعى المشروع إلى تغيير الصورة النمطية التي تُفرَض على المدمنين، مبرزًا أنهم ليسوا مجرمين بل ضحايا لظروف اجتماعية واقتصادية قاسية.
الفنان خالد بركة
إذًا، يشكل معرض "دولة فارماكون" خطوة نحو رفع الوعي المجتمعي حول تأثير المخدرات في سوريا، ويعد فرصة لإعادة بناء المجتمع على أسس من الوعي والفن، بدلًا من الصمت الذي ساد لسنوات حول هذا الموضوع..
.