النساء والشباب في إيران: محرّك التغيير ومصدر القلق لنظام ولاية الفقيه

السوري اليوم
الجمعة, 18 أبريل - 2025
من احتجاجات إيران
من احتجاجات إيران

رغم القبضة الأمنية المشددة التي يفرضها نظام ولاية الفقيه في إيران منذ عام 1979، تواصل المقاومة الشعبية – وعلى رأسها النساء والشباب – إثبات حضورها كقوة ديناميكية لا يمكن تجاهلها، تنبض بالحيوية والرفض للاستبداد الديني الذي يفرضه النظام.

منذ لحظة تأسيس الجمهورية الإسلامية، برزت أصوات معارضة تطالب بحقوق أساسية وحريات مسلوبة، لكنّ ما يلفت في العقد الأخير هو التحول النوعي في طبيعة هذه المقاومة، خاصة من قبل النساء والشباب. فقد تحولت مطالب هذه الفئات من الاعتراض على قضايا معيشية إلى شعارات جريئة تُشكك بشرعية النظام نفسه، وتضع أسسه الدينية موضع تساؤل علني.

النساء، تحديدًا، قدن احتجاجات عارمة ضد فرض الحجاب الإجباري، وتعرضن للاعتقال والملاحقة، لكن ذلك لم يوقفهن عن كسر حاجز الخوف. فقد تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى منابر بديلة، رفعت من خلالها الإيرانيات شعارات الحرية وحقوق الإنسان، في مشهد لم يكن ليتصوره أحد في العقود الأولى من عمر النظام.

في المقابل، لعب الشباب دورًا حاسمًا في نقل الحراك من مجرد احتجاجات إلى موجات مطلبية شاملة تطالب بإصلاحات جذرية. شبابٌ وُلد في ظل حكم ولاية الفقيه، لكنه لم يعد يرى مستقبله في دولة تُدار بعقلية أمنية ومذهبية مغلقة. إنهم جيل الإنترنت، والوعي، والانفتاح، جيل يرفض العيش في ظل الأزمات الاقتصادية المستمرة والبطالة والفساد، ويسعى إلى دولة قانون ومؤسسات.

هذا التحول خلق قلقًا واضحًا لدى أركان النظام، لا سيما مع تزايد الانقسامات في الداخل، وظهور شروخ بين التيارات المتشددة والإصلاحيين، حتى داخل أجنحة السلطة نفسها. فكل احتجاج شعبي يكشف هشاشة الخطاب الرسمي، ويعمّق الخلافات حول كيفية التعامل مع التحديات المتزايدة.

لا تقتصر المقاومة اليوم على الشوارع، بل اتسعت لتشمل الصحافة، والمنصات الرقمية، وحتى العمل الحقوقي السري داخل إيران وخارجها. هذه الديناميكية الجديدة تُظهر وعيًا سياسيًا متقدمًا، وقدرة على توظيف أدوات العصر لفضح الانتهاكات وتوثيقها، في رسالة موجهة إلى الداخل والخارج على حدّ سواء.

في ظل هذا الواقع، يبقى مستقبل إيران رهينًا بإرادة هؤلاء الشباب والنساء، الذين باتوا يشكلون مصدر الإلهام الحقيقي لأي تغيير مرتقب. وبينما يحاول النظام الإيحاء بالتماسك، تكشف الأحداث أن الأرض تهتز تحت قدميه، بفعل جيل لا يخاف، ويؤمن أن الحرية ليست رفاهية، بل حقٌ لا يمكن التنازل عنه.