حوادث إطلاق النار متكررة ومنتشرة في الولايات المتحدة الأمريكية، بحيث لا يمكن اعتبارها انحرافًا أو شذوذًا على القاعدة .وخصوصا في حالة إطلاق النار الجماعي، مؤخرا أطلق شاب يبلغ من العمر 21 عامًا النار في 22 مارس على متسوقين في سوبر ماركت في حي بولدر، بولاية كولورادو، ما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص. كان هذا هو إطلاق النار الجماعي السابع خلال سبعة أيام، وكان هناك أربع حوادث إطلاق نار أخرى قبل ذلك منذ الأول من كانون الثاني/يناير 2021.
التفاصيل مختلفة، وجوهر القصة واحد. رجل يطلق النار، ويقتل عددًا من الأشخاص.
نشر موقع عين اوروبية على التطرف مقالا للبروفيسور جورج لوندسكو حاول فيه فهم الاسباب التي تجعل اغلب مطلقي النار من الذكور .
وقال ان السلطات الجنائية في كل مرة تبحث في المكان الخطأ ، فهم ما زالوا يبحثون عن دافع وراء الحادث. إنهم يبحثون في كل مكان، في محاولاتٍ بائسة عن شيء يشير إلى أن ما وقع حادث منعزل: نتيجة مرض عقلي، تعاطي مخدرات، اكتئاب، توّحُد، لون من الانتماء السياسي المتطرف. هذه التفسيرات هي أمور عارضة، وليست سببية.
وانتقد كاتب المقال ، وهو أستاذ علم الاجتماع في جامعة جراند فالي في ألينديل، ولاية ميشيجن، الى التوافر الواسع النطاق للبنادق واعتبر انه يجعل من السهل إزهاق الأرواح، لكن لماذا الذكور الأمريكيون لديهم مثل هذه الإرادة والرغبة في القتل؟ ورأى أن المجتمع الأمريكي يخلق تيارًا رئيسًا من الأشخاص الذين يرتكبون العنف ضد الآخرين عشوائيًا كتأكيد على هيمنة الذكور على أي شخص يتمتع بسلطة أقل. في هذا النموذج، حوادث إطلاق النار هي تعبير عن الهوية الذكورية في الولايات المتحدة -تعبير متطرف- ولكن مع ذلك يشكل جزءًا كبيرًا جدًا من النزعة الذكورية الأمريكية، اليوم وفي الماضي.
ورأى أن أن استخدام السلاح وسم الاتصال المبكر واللاحق مع القبائل الأمريكية الأصلية. حيث بدأ هذا بعد وقتٍ قصير من إنشائهم أول مستعمرة فيما سيعرف في المستقبل باسم الولايات المتحدة الأمريكية، في عام 1609، اتضح أن المستوطنين الإنجليز من مستعمرة “جيمستاون” في ولاية فرجينيا غير قادرين على إعالة أنفسهم. لذا، أمر الحاكم جون سميث رجالًا مسلحين خلال ذلك الشتاء -“وقت انتشار الجوع”- بالاستيلاء على مخازن الأغذية في مجتمعات بوهاتان (السكان الأصليون) القريبة، واستخدام القوة المميتة إذا قاوم الهنود . وتوسعت المستعمرات الإنكليزية من خلال الغزو بقوة السلاح على مدار الـ 300 سنة التالية، متبعة النموذج الذي أرساه الإسبان خلال قرون سابقة. وبحلول أواخر القرن الثامن عشر، أصبح ملاحقة الهنود مهنة مربحة، كانت بمنزلة لعبة شائعة، بل أصبحت هواية. استمرت الإبادة الجماعية .
كانتِ المستعمرات الإنجليزية والولايات المتحدة، في وقتٍ مبكر، أمةَ تخومٍfrontier nation (أي ذات نزعة توسعية) من الغزاة. كان مصطلح “ترويض الأرض” يعني الذبح الجماعي للبشر، وللحياة البرية حيث استخدم الرجال قوة الحياة والموت في صراع مرير من أجل البقاء، أو على الأقل هذه هي الطريقة التي مجدتها الثقافة الأمريكية في وقتٍ لاحق.
ومنذ ذلك الحين، ترسّخت البنادق كرمزٍ مقدس للنزعة القومية الذكورية البيضاء، ومؤخرًا، للقوة الذكورية بشكل عام. فرض البيض قوانين جيم كرو (الفصل العنصري)، وأرهبوا السود من خلال الاغتصاب، والقتل، والسجن الجماعي على نطاقٍ واسع الذي سرعان ما حوّل العبيد المحررين وذريتهم إلى شعبٍ مضطهد لا يمكن تمييزه عن العبيد. ومجّدت الحروب الخارجية العنفَ باعتباره الحل الأول والأفضل لأي شيء والوسيلة للحصول على ما يرغب فيه، سواء على المستوى السياسي أو الشخصي، وعادةً ما يكون مزيجًا من السلطة والثروة والمكانة.
وأشار أنه على المستوى الفردي، لدى كل شخص من مطلقي النار بشكلٍ جماعي مزيج فريد من المظالم، بما في ذلك التطلعات الفاشلة، وأيًا كانت المظالم، فإن العنف الذكوري المسلح هو العامل المشترك. كانت حالة الارهاصات الأولى لاستخدام البنادق هي إطلاق النار في مدرسة سانديهوك الابتدائية في نيوتاون، في 14 ديسمبر 2012. قتل مطلق النار عشرين طفلًا تتراوح أعمارهم بين ست وسبع سنوات من العمر، بالإضافة إلى ستةٍ من أعضاء هيئة التدريس والموظفين.
وتساءل المقال ، ما هو الأهم بالنسبة للأمريكيين، حياة أطفال المدارس الابتدائية، أم حقوق ملكية السلاح؟ كان الرد على الصعيد الوطني هو توسيع نطاق حقوق “حمل السلاح بشكل مرئي في الأماكن العامة”، وتسهيل ملكية الأسلحة النارية في ولايات متعددة، وليس تقييدها بأي شكلٍ من الأشكال .
الأسلحة لا تحمل نفسها بالطبع، ومن منظور اجتماعي ونفسي، فإن حماية الأسلحة تعني حماية حاملها، وهو ما يعني هوية ذكورية تخاف من العالم وتكرهه، وتتوق إلى اليوم الذي يمكنها فيه تنفيذ العدالة العنيفة.