شهدت العاصمة العُمانية مسقط أول لقاء مباشر منذ أكثر من عقد بين مسؤولين أمريكيين وإيرانيين، في خطوة نادرة تمهد لاستئناف مفاوضات شائكة بشأن البرنامج النووي الإيراني وسط أجواء إقليمية متوترة وتصعيد عسكري متزايد.
وأكدت مصادر إعلامية رسمية إيرانية أن اللقاء، الذي عُقد يوم السبت، بدأ باجتماعات منفصلة استمرت أكثر من ساعتين عبر وسطاء، قبل أن يلتقي مبعوث الرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وجهًا لوجه لفترة وجيزة، بحضور وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي.
وصرّح البوسعيدي بأن المحادثات جرت في “أجواء ودية تُسهم في تقريب وجهات النظر”، معربًا عن أمله في أن تكون “بداية لعملية حوار تهدف إلى التوصل لاتفاق عادل وملزم”، وفقًا لمنشور له على منصة “X”. ومن المقرر أن تُستأنف المفاوضات الأسبوع المقبل.
ضغوط أمريكية وتحركات عسكرية
يأتي اللقاء في ظل تصعيد ملحوظ من الجانب الأمريكي، مع تعزيزات عسكرية كبيرة في المنطقة، تضمنت إرسال حاملة طائرات ثانية وطائرات B-2 وF-35، بالإضافة إلى أنظمة دفاعية متطورة، في وقت تواصل فيه إسرائيل عمليتها العسكرية في غزة، وتوسّع الولايات المتحدة ضرباتها ضد الحوثيين في اليمن، الحلفاء الإقليميين لإيران.
وحذر مسؤولون أمريكيون من أن إسرائيل قد تنفذ ضربة وقائية تستهدف البرنامج النووي الإيراني في حال فشل المحادثات، مشيرين إلى أن خيار العمل العسكري لا يزال مطروحًا على الطاولة.
انعدام ثقة ومواقف حذرة
ورغم ما يبدو أنه بداية إيجابية، يظل انعدام الثقة بين الطرفين عميقًا. فقد كان ترامب هو من انسحب من الاتفاق النووي لعام 2015، وفرض عقوبات مشددة على إيران، وأمر بقتل الجنرال قاسم سليماني في غارة جوية عام 2020، ما أدى إلى تدهور العلاقات بين البلدين.
وبينما أبدى عراقجي انفتاحًا على التوصل إلى “اتفاق أولي يمهّد لمسار تفاوضي”، لا تزال إيران تصرّ على أن برنامجها النووي سلمي، رغم تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تؤكد اقترابها من تخصيب اليورانيوم لمستويات عسكرية.
مخاوف من العودة للعقوبات الأوروبية
في حال فشل المحادثات، تُرجح التوقعات أن تعيد الدول الأوروبية الموقعة على اتفاق 2015 فرض عقوبات شاملة على إيران بحلول منتصف أكتوبر. وقد يشكل ذلك نقطة تحول خطيرة، إذ هددت طهران سابقًا بطرد المفتشين الدوليين والانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية إذا تم الضغط عليها.
موقف خامنئي
رغم تحذيرات المرشد الأعلى علي خامنئي من “التفاؤل المفرط بالمحادثات”، سمح للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بخوض التفاوض. واعتبرت افتتاحية منشورة على موقع خامنئي الرسمي أن الأمريكيين “غير مستعدين للتوصل إلى اتفاق عادل بسبب غطرستهم”.