صرخة سوريين من سجن رومية اللبناني

الخميس, 20 فبراير - 2025
سجناء سوريون مضربون عن الطعام في سجن رومية اللبناني
سجناء سوريون مضربون عن الطعام في سجن رومية اللبناني


لليوم التاسع على التوالي، يستمر 125 سجينا سوريًا في سجن رومية بلبنان في إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجًا على ظروف احتجازهم القاسية، وللمطالبة بتسليمهم إلى الحكومة السورية الجديدة.
وبدأ المساجين، الذين يقولون إنهم معتقلون سياسيون، إضرابهم في 11 فبراير الجاري، بعد فقدانهم الأمل بأي تحرك رسمي لإنهاء معاناتهم عقب سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، وأعلنوا أنهم مستمرون في إضرابهم حتى يتم النظر في ملفهم.
ودعمًا لقضيتهم، شهدت مدن سورية عدة ومناطق حدودية بين سوريا ولبنان مظاهرات تطالب بالإفراج عنهم، كما انتشرت مجموعة من الفيديوهات لأمهات المعتقلين يطالبن رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، بالإسراع في إيجاد حل لأزمة المعتقلين في لبنان.
أحد المشاركين في الإضراب، يُدعى "م.د" (39 عامًا) من ريف دمشق، رفض ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، قال في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة" من داخل سجن رومية، إنه سُجن بسبب مواقفه المناصرة للثورة السورية.
وأضاف أنه لم تتم محاكمته رغم مرور سبع سنوات على توقيفه، وقال: "كل يوم بعد سقوط النظام يمر على المعتقلين وكأنه سنة. نحن أوصلنا رسالتنا للرئيس الشرع ونطالبه بالتعجيل في معالجة هذا الملف الإنساني العاجل".
المرصد اللبناني لحقوق السجناء أصدر بيانًا دعا فيه الحكومتين السورية واللبنانية إلى تنفيذ الاتفاق الذي تم الإعلان عنه رسميًا خلال زيارة ميقاتي إلى دمشق، والذي نصَّ على "استرداد كافة المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية".
وأشار البيان إلى أن السجون اللبنانية تضم حوالي 2351 سجينًا سوريًا، ويشكلون 30% من إجمالي السجناء في عموم لبنان، بينهم 250 شخصًا متهمين بالإرهاب، فيما أُوقف الباقون بتهم جنائية أخرى ترتبط في الغالب بظروف اللجوء القاسية والمعاملة الكيدية من الأجهزة الأمنية والقضاء اللبناني.
وقال المرصد في بيانه: "حان الوقت لفتح صفحة جديدة في لبنان، الذي تغص سجونه بآلاف اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين، الذين يعتبرون ضحية بشكل أو بآخر للوضع الأمني والسياسي والاجتماعي السابق إبان المرحلة المظلمة التي خيمت على البلدين".
وأكد المحامي اللبناني محمد صبلوح، مدير البرنامج القانوني لمركز سيدار للدراسات القانونية، أن تهم عدد كبير من السجناء السوريين في لبنان تتعلق بمساندتهم للثورة السورية.
ودعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الحكومتين السورية واللبنانية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء معاناة المعتقلين السوريين في لبنان.
وذكرت الشبكة أن شهادات المعتقلين تؤكد أن العديد من المضربين عن الطعام يعانون من تدهور صحي خطير، وسط غياب الرعاية الطبية وانعدام الاستجابة الرسمية لمطالبهم.
وأشارت الشبكة إلى أن عدد المحتجزين يُقدّر بحوالي 2000 شخص، بينهم نحو 190 معتقلاً على خلفية مشاركتهم في الثورة السورية.
وأكد التقرير أن السلطات اللبنانية انتهكت الاتفاقية القضائية لعام 1951 بين سوريا ولبنان من خلال احتجاز معتقلين سوريين تعسفيًا وتسليم بعضهم سابقًا إلى النظام السوري المخلوع.
كما دعا التقرير الحكومة اللبنانية إلى التنسيق مع الحكومة الانتقالية السورية لوضع آلية قانونية تضمن حقوق المعتقلين وتحسن ظروف الاحتجاز.
وفي عام 2021، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا بعنوان "كم تمنيت أن أموت"، تناول أوضاع اللاجئين السوريين المحتجزين تعسفيًا في لبنان بتهم تتعلق بالإرهاب.
وقالت المنظمة في تقريرها إن قوات الأمن اللبنانية عرّضت المئات من الرجال والنساء والأطفال السوريين للاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والمحاكمة الجائرة.
ودعت الحكومة اللبنانية إلى إنهاء الاحتجاز التعسفي للسوريين، ووضع حد لسوء معاملتهم، وضمان حصولهم على محاكمة عادلة.
وبحسب التقرير، أوقف تعسفيًا المئات من اللاجئين السوريين وسُجنوا بتهم تتعلق بالإرهاب منذ العام 2014، ولم تُقر حينها الحكومة اللبنانية رسميًا بحجم هذه القضية.
ومع دخول إضراب المعتقلين السوريين في سجن رومية يومه التاسع، يزداد القلق حول مصيرهم وسط صمت رسمي لبناني وتأخر في تنفيذ الاتفاقات المعلنة بين الحكومتين السورية واللبنانية.
وبينما تزداد معاناة المضربين عن الطعام، تبرز تساؤلات حول مدى جدية التعاطي مع هذا الملف الإنساني الذي يتجاوز الاعتبارات السياسية، ليصبح اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام الحكومتين بحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية