أعلنت الحكومة السورية عن خطة إصلاحية واسعة النطاق تهدف إلى مكافحة الفساد، وتحفيز الاستثمار، وإعادة هيكلة القطاع العام، من خلال إزالة الموظفين الوهميين، وإغلاق الشركات غير الفاعلة، وتقليص البطالة المقنعة، في خطوة تعد من أكبر الإصلاحات الاقتصادية والإدارية في تاريخ البلاد.
400 ألف موظف وهمي وإغلاق شركات غير فاعلة
قال وزير المالية السوري، محمد أبازيد، في تصريحات لوكالة رويترز، إن الحكومة اكتشفت وجود 400 ألف موظف وهمي في سجلات الدولة، وهو ما يُعرف بـ”أسماء الأشباح”، موضحاً أن إزالتهم من قوائم الرواتب ستوفر موارد مالية ضخمة يمكن استخدامها في تحسين الخدمات العامة.
وأكد أبازيد أن حجم الفساد في مؤسسات الدولة فاق التوقعات، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل على إغلاق الشركات الحكومية غير الفاعلة، والتي “تبدو وكأنها أُنشئت فقط لسرقة الموارد”، مع إعادة توجيه الأموال إلى قطاعات أكثر إنتاجية.
تحول اقتصادي نحو السوق الحرة
في إطار الإصلاحات، أكد وزير الاقتصاد السوري أن البلاد تتجه نحو اقتصاد السوق الحرة التنافسي، مما يعني تقليل سيطرة الدولة على الاقتصاد، وتشجيع القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية والمحلية لخلق فرص عمل جديدة.
كما كشف وزير التنمية الإدارية أن الدولة ستحتاج بين 550 ألفاً و600 ألف موظف فقط، أي أقل من نصف العدد الحالي، مما يشير إلى توجه الحكومة نحو تقليص التوظيف الحكومي، وإعادة توزيع الكوادر الوظيفية وفق الاحتياجات الفعلية.
إجازات مؤقتة لتقييم كفاءة الموظفين
أعلنت وزارة العمل السورية أنها وضعت عدداً من الموظفين في إجازة مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أشهر، كإجراء مؤقت لتقييم وضعهم الوظيفي، في خطوة تهدف إلى تحديد من يستحق البقاء في الوظائف الحكومية، ومن يمكنه الانتقال إلى القطاع الخاص.
زيادة الرواتب 400% وشطب 300 ألف موظف حكومي
في مقابلة مع قناة الجزيرة، أوضح وزير المالية السوري أن الحكومة بدأت في رفع رواتب الموظفين بمعدل 400% بهدف تحسين مستوى المعيشة، حيث أشار إلى أن متوسط الرواتب في سوريا كان يتراوح بين 20 و25 دولاراً فقط، مما جعل الغالبية العظمى من السوريين تحت خط الفقر.
كما أكد أن الحكومة ستشطب أسماء 300 ألف موظف حكومي خلال المرحلة المقبلة، في إطار خطة إعادة الهيكلة الوظيفية التي تهدف إلى معالجة الترهل الإداري وتقليل الفساد.
وأضاف أبازيد أن الإدارة السورية الجديدة “لا تمتلك عصا سحرية لحل المشكلات الاقتصادية فوراً”، لكنها تسعى لوضع أسس جديدة تضمن استقرار الاقتصاد السوري على المدى البعيد.
تحفيز الاستثمار ودعم القطاع الخاص
أكد ثلاثة وزراء سوريين في تصريحات لـرويترز أن الحكومة تسعى إلى زيادة الاستثمار الأجنبي والمحلي، وتقديم تسهيلات للمستثمرين بهدف خلق فرص عمل جديدة، مشيرين إلى أن هناك إصلاحات تشريعية مرتقبة ستُحدث تغييراً جذرياً في بيئة الأعمال والاستثمار في سوريا.
مستقبل الاقتصاد السوري: بين التحديات والإصلاحات
تأتي هذه الإجراءات في وقت تواجه فيه سوريا تحديات اقتصادية معقدة، بما في ذلك التضخم، وانخفاض قيمة العملة، وارتفاع معدلات البطالة والفقر. وتبقى القدرة على تنفيذ هذه الإصلاحات بفاعلية عاملاً حاسماً في تحقيق انتعاش اقتصادي حقيقي، وسط آمال بأن تكون هذه الخطوات بداية لإعادة بناء الاقتصاد السوري على أسس أكثر استدامة وشفافية.