الليرة السورية وفاة محتومة وحكومة عاجزة

علي رجب - السوري اليوم
الجمعة, 19 فبراير - 2021
الدولار والليرة السورية وبعض العملات الأجنبية
الدولار والليرة السورية وبعض العملات الأجنبية

إنّ انهيار الليرة السورية لم يكن أمراً مفاجئاً عند الكثير من المحللين الاقتصادين، بقدر ما كان عدم انهيارها هو المفاجئ. فأيقونة الاقتصاد بأي بلد تبقى الأيقونة المعبرة عن حال البلد، وهي الأيقونة التي لا يمكن لها أن تعيش البتة بمعزل عما يجري حولها من متغيرات. الليرة ومنذ بدء الثورة السورية قبل عشر سنوات تنازع الصعداء ويقول المراقبون إن إعلان الوفاة رغم المراوغة ليس غريباً. 

محمد فارس أحد الخبراء الاقتصاديين قال: "إن أسباباً كثيرةً تنبأت لليرة بهذا المصير، فالسلّة الغذائية السورية والنفط والغاز والفوسفات خارج سيطرة الأسد، ولا يوجد سياحة ولا زراعة ولا تحصيل ضريبي أو جمارك، إضافة لتجزئة الاقتصاد وبيعه لبعض الدول كروسيا وإيران، وتوقيع عقود استثمارية طويلة الأجل معهما، لتأخذ روسيا المطارات والموانئ، فيما حظت إيران بقطاعات أبرزها الغاز والكهرباء، ناهيك عن انعدام الاحتياطيات بالمصرف المركزي، وكل ذلك يدل أنه لا داعم لليرة، وأن الوضع كارثي وما نراه اليوم نتيجة لسابق أسباب".

 وأردف فارس قائلاً: "إن ما تعانيه الليرة تسببت به هيكلية اقتصادية سيئة، وفساد مالي وإداري، وسيطرة بعض المتنفذين على ٩٠% من مقدرات الدولة، إضافة لعدم اكتمال الدورة الاقتصادية، حيث تجبى الأموال من المواطنين بشكل أو آخر، وتودع بالبنوك الخارجية، هذا كله حول المواطن من مورد إلى عبئ ناهيك عن تأثير العقوبات الاقتصادية على النظام، واستمرار الحرب واستنزاف الآلة العسكرية للمال، وكل ذلك كان محرك لانخفاض العملة".

حكومة الأسد والتعاطي العاجز:

طه النحاس أحد المختصين الاقتصاديين وفي حديثه مع "السوري اليوم" أوضح أن "النظام طوال 10 سنوات تجاوز الحلول العملية لرفع الانتاج وتفادي التضخم ورفض الحل السياسي لتحريك عجلة الاقتصاد. ولجأ بدل ذاك لخطوط الائتمان الإيرانية ومصادر أخرى لرفع احتياطه النقدي، فاستدان من إيران وروسيا. لكن حجم السلع والخدمات منخفض جداً، ولا يمكن له أن يكون حاملاً لليرة السورية. إنّ اجراءات التقشف التي تلجأ لها الوزارات وغير ذلك محاولات لتخفيف المسألة، لكن النظام لا احتياطات له ولا خدمات ولا سلع تباع، معنى هذا أن الليرة ستترك وحدها لتقاوم الظرف السيء".

واعتبر الخبير الاقتصادي النحاس أن "مراسيم الزيادة بالرواتب جاءت وزادت الطين بلة فأضعف الاقتصادين بالعالم لا يوافقون على هكذا قرار، فزيادة الرواتب يرافقها زيادة أسعار بالاقتصاد المستقر، فكيف الحال مع اقتصاد سوريا المتهاوي. القاعدة تقول إن توقع الأفراد لزيادة الراتب، سيزيد الطلب على السلع، وهذا جرى بالسوق السورية بشكل جنوني، فهناك خوف المواطن أصلاً من زيادة سعر السلع، ورافق ذلك، التضخم بسعر الصرف، فكان الامر كارثي بما للكلمة من معنى".

وفيما وصف "طه" أدوات الحكومة الأسدية بمعالجة الأزمة الاقتصادية بالقديمة وغير الناجعة وهي التي تركز على اتهام جشع التاجر وتنفيذ استعراضات للتموين، فسّر "النحاس" انهيار الاقتصاد برغم تقدم العسكر بأن سيطرة الأسد على جزء كبير من الأراضي الخالية من الموارد الرئيسية للاقتصاد، صيرته مسؤول عنها وعن مدها بخدمات غير موجودة لديه، بالإضافة إلى تسبب ذلك بانقطاع الدولار الذي كان يمول المعارضة والجماعات المقاتلة وهو أمرٌ كان يساعد نوعا ما باستقرار سعر الصرف".

هذا ويتفق المحللون والمراقبون أن الخاسر الرئيسي لارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة هم المواطنون بشكل مباشر، وبينما يبقى أصحاب رؤوس الأموال وأمراء الحرب والتجار الكبار هم المستفيدون من هذه الحالة، يؤكد محللون أن لا حل للاقتصاد بمعزل عن الحل السياسي، حل لا يمكن أن يجدي ويعيد اللاجئين إلى بلادهم ويعيد عجلة الاقتصاد لدورتها مالم يحدث تغيير جذري في نظام جر البلاد واقتصادها نحو قعر الهاوية.


الوسوم :