اللاجئون السوريون ومعوقات العودة

علي رجب - السوري اليوم
الجمعة, 19 فبراير - 2021
أحد شوارع مدينة أسطنبول (إنترنت)
أحد شوارع مدينة أسطنبول (إنترنت)

تسعى روسيا لإعادة تعويم نظام الأسد في سوريا، بعد أن تدخلت بجحافلها لإنقاذه من السقوط سنة 2016، وفي إطار هذا المسعى يجهد الروس. في استخدام ورقة اللاجئين السوريين والترويج لعودتهم من دول الجوار ومن أوروبا، بناءً على افتراض أن الأسد بات هو المسيطر على البلد، وأن سوريا أضحت مكاناً أمناً لعودة السوريين، لكن هذا الافتراض الروسي يصطدم مع واقع اللاجئين السوريين اللذين تشير العديد من الدراسات أن من خرجوا من سوريا جلهم من المعارضين للنظام الموجود فيها، نظام أثبت وحتى اللحظة أنه مازال على منهجهه في اعتقال السوريين وإخفاء بعضهم قسراً سواءً ممن اُدخلوا في مناطق المصالحات وخفض التصعيد، أو ممن عادوا إلى الوطن. 

منغصات اللاجئين في دول الجوار واقع أم صناعة:

تعتبر قضية اللاجئين السوريين قضية إنسانية بامتياز، لكن العبث السياسي بات يطالها مؤخرا وبشكل واضح، بعد أن طال ذاك العبث كل مناطق خفض التصعيد ومناطق المصالحات والغاية من هذا وذاك هو إجهاض الحراك السوري الذي تجلى في ٢٠١١.

ضغوطات يواجهها اللاجؤون السوريون لا سيما في دول الجوار أرجعها البعض لتسويق الاستقرار الذي تجهد موسكو في تسويقه بغية مكاسب اقتصادية تتطلع لجنيها في الأمد القريب، فيما أرجع البعض الآخر الغاية لتحضير انتخابات ربما تطال السلطة في سوريا تبين للعالم أن الوضع عاد هناك على ما يرام، أمر يدلل عليه وبكل وضوح تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الدفاع الروسي اللذان قالا إن الأزمة في سوريا قد انتهت.

الأزمات التي تطال الوجود السوري بدول اللجوء لا تقتصر على ما جرى في لبنان وتصريحات جبران باسيل التي وصفها البعض بالعنصرية والقافلات التي عادت محملة بالسوريين لدمشق وغيرها من المناطق الخاضعة لسلطة الأسد، بل ترافقت بأزمات حادة طالت الوجود السوري أيضا في تركيا لا سيما بعد الحال الذي أضحى عليه حزب العدالة والتنمية الحاكم قبالة معارضيه، ولعل الترحيل الذي طال اللاجئين من استنبول وإرجاع ما لا يقل عن ٦٠٠٠ سوري الى المناطق المحررة ناهيك عن توزيع قرابة المئة ألف لاجئ سوري وبحسب أرقام رسمية من استنبول على الولايات الأخرى لدليل واضح على الضغط الذي يتعرض له اللاجئ السوري بتركيا، لكن مراقبون يقولون إن القادم ربما يكون أكثر سوءا لا سيما أن أنقرة أعلنت مرارا وتكرارا أنها ترنو لإقامة منطقة آمنة في الشمال السوري وأنها ستسعى لإعادة اللاجئين عندها إليها.

الحال هو ذات الحال تكرر في الأردن الذي وإن لم يشهد حملات شعبوية ضد الوجود السوري على أراضيها غير أن تصريحات مسؤوليها لا تفترق عن تصريحات المسؤولين بكل من تركيا ولبنان، لناحية تحميل اللاجئين سبب الجمود الاقتصادي وسبب الأزمات التي تطال البلدان.

وفي خضم كل هذا الكلام يوضح محمد العربيني (٤٣ عام) أنه غادر تركيا مرغما إلى الشمال السوري وذلك بسبب غياب الرؤية الواضحة لدى المعارضة السورية في التعاطي مع ملف اللاجئين، وغياب القوانين التي تحمي أو تقنن وجود اللاجئين في دول الجوار، مضيفا وخلال حديثه مع "السوري اليوم" أنني وبسبب ما ذكرت تركت ثلاث بنات وأمهم دون معيل وأنا الآن أعيش تائها أبحث عن درب لقاء جديد. قصة مأساة محمد لا تفترق عن قصص الكثيرين من السوريين، فيما تبقى إشارة الاستفهام مشرعة عن سبب ما يطالهم ببلاد اللجوء، وهم اللذين يجبرون للعودة إلى بلادهم ودون مسوغات حماية.

الرأي القانوني ومسوغات العودة:

الخبير القانوني عمار القاضي وفي حديثه مع "السوري اليوم" بين أنه "عندما يُحتاج لضمانات لعودة اللاجئ فهذا يدلل أن السلطة التي تدير البلد لا تقيم وزناً للقانون، لأن المفترض أن المواطن يأخذ ضمانه من القانون ومن الحقوق الدستورية التي تضمن حريته وحصانتها، وفي ظل السلطة الحالية لا يوجد أي ضمانات تحفظ حرية الإنسان ولا حتى سلامته الجسدية، وعليه لن يكون هناك عودة لأغلب اللاجئين حتى وإن استتب الوضع، طالما أنّ هذه السلطة موجودة بالحكم".

وأضاف القاضي: " هناك عشرات الحالات ممن قتلوا تحت التعذيب ممن عادوا لسوريا أو أُعيدوا إليها، فأحد تقارير الشبكة السورية لحقوق الانسان عل سبيل المثال لا الحصر وثق اعتقال أكثر من ٨٠٠ شخص أعيدوا من لبنان قسراً، قتل منهم قرابة ٨٩ شخص تحت التعذيب، فأي شخص خرج من تحت سلطة الأسد هو متهم إلى أن تثبت براءته التي لن يستطيع إثباتها، فكل من خرج هو رافض لوجود هذه السلطة وبالتالي يجب محاسبته من وجهة نظر السلطة، موانع العودة ليست قانونية، فلا قانون يمنع شخصاً من عودته لبلده، لكن الإجراءات التعسفية الغير قانونية التي تقوم بها السلطة كفيلة بذلك".


الوسوم :