سمح الرئيس الأمريكي جو بايدن لأول مرة لأوكرانيا باستخدام الصواريخ بعيدة المدى من نوع ATACMS، التي قدمتها الولايات المتحدة، لشن ضربات داخل الأراضي الروسية. ويعتبر هذا القرار تحولًا كبيرًا في السياسة الأمريكية تجاه الدعم العسكري لأوكرانيا، ويأتي في وقت حساس وسط تصعيد الهجوم الروسي بمشاركة القوات الكورية الشمالية في شرق أوكرانيا.
وقالت مصادر أمريكية إن الصواريخ من نوع ATACMS، التي يبلغ مداها حوالي 190 ميلاً، ستُستخدم في البداية ضد القوات الروسية والكورية الشمالية المنتشرة في منطقة كورسك غرب روسيا. ويُتوقع أن تستخدم هذه الأسلحة لتقليص فعالية الهجوم العسكري المشترك بين القوات الروسية والكورية الشمالية على المواقع الأوكرانية.
ويُعد هذا القرار من بايدن تغييرًا استراتيجيًا في سياسته تجاه أوكرانيا، حيث سبق وأن فرضت الولايات المتحدة قيودًا على استخدام الصواريخ بعيدة المدى في الأراضي الروسية. ففي وقت سابق، سمحت واشنطن لأوكرانيا باستخدام صواريخ HIMARS ذات المدى القصير (حوالي 50 ميلاً) فقط ضد القوات الروسية في المناطق الحدودية. أما الآن، فقد أصبح بإمكان الأوكرانيين استهداف أهداف أعمق داخل الأراضي الروسية باستخدام صواريخ ATACMS.
واعتبر بعض مستشاري بايدن أن هذا التحول في السياسة كان ضروريًا بعد أن أرسلت روسيا قوات كورية شمالية للقتال في أوكرانيا، وهو ما دفع واشنطن للتصعيد بهدف تحجيم دور كوريا الشمالية في الحرب. بينما أشار آخرون إلى أن هذا القرار سيزيد من خطر التصعيد مع روسيا، التي قد ترد باستخدام القوة ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
وفي حديثه عن هذا القرار، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه مساء الأحد أنه لا يمكن الإعلان عن تفاصيل الضربات مسبقًا، بل يجب أن تتحدث الصواريخ نفسها عن فعاليتها. وقال: “الضربات لا تُوجه بالكلمات”، مشيرًا إلى أن الأهم هو العدد الكبير من الصواريخ المتاحة للضربات ضد القوات الروسية.
من جانب آخر، كان بعض المسؤولين في البنتاغون قد عارضوا تسليم هذه الصواريخ للأوكرانيين في وقت سابق، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد الصراع، معتبرين أن القوات الروسية قد ترد بشكل مفرط. ومع ذلك، يرى مؤيدو قرار بايدن أنه كان ضروريًا لمساعدة الأوكرانيين في مواجهة القوات الروسية والكورية الشمالية المتزايدة.
من المقرر أن تساهم هذه الصواريخ في إضعاف القوة الهجومية الروسية، التي تهدف لاستعادة الأراضي التي استولت عليها أوكرانيا في أغسطس الماضي. ومن شأن ذلك أن يساعد الأوكرانيين على تقليل الضغط على جبهات القتال في المناطق الحدودية.
هذا التحول في السياسة يأتي في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن مستقبل الحرب في أوكرانيا، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، حيث من المتوقع أن يتولى الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه في وقت لاحق من العام المقبل. ويُذكر أن ترامب قد تعهد بتقليص الدعم الأمريكي لأوكرانيا، مما يزيد من تعقيد الوضع في ظل الدعم المتزايد من بعض أعضاء الكونغرس لأوكرانيا في معركتها ضد العدوان الروسي.
وفي هذا السياق، يواصل الأوكرانيون الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها للحصول على مزيد من الدعم العسكري، بما في ذلك الأسلحة بعيدة المدى، في محاولة لتقوية دفاعاتهم ضد الهجوم الروسي المستمر.