القدس العربي» تكشف وثيقة خاصة واتهامات: النظام السوري يحضر لـ«مسرحية» كيميائي في إدلب تزامناً مع آستانا

الأحد, 20 أكتوبر - 2024
وثيقة مسربة تكشف عنها صحيفة القدس العربي
وثيقة مسربة تكشف عنها صحيفة القدس العربي


حصلت «القدس العربي» على عدد من الوثائق الأمنية والعسكرية الصادرة عن النظام السوري تتعلق بالأوضاع في شمال غرب سوريا، وننشر هنا بعض مضامينها، وتعتبر أخطرها وثيقة تتحدث عن احتمالات استخدام السلاح الكيميائي شرقي إدلب. وتنقل «القدس العربي» النص الحرفي كما ورد في البرقية الصادرة عن مخابرات النظام خلال أيلول (سبتمبر) الماضي، وتتحفظ على نشرها كاملة حماية للمصدر.
تقول الوثيقة: «تحضر ما تسمى هيئة تحرير الشام الإرهابية بالتعاون مع عصابات الأيغور الإرهابية منذ مطلع الشهر الجاري لتنفيذ مسرحية كيميائية شرق مدينة إدلب ضمن المزارع المحيطة بالمدينة (معارة عليا ـ الصالحية، محيط قريتي قميناس وسرمين) وذلك أثناء استهداف وحدات الجيش العربي السوري لمواقع المجموعات الإرهابية في الأماكن المذكورة».
وتضيف المعلومات بأنه «تم تكليف الإرهابي مازن عرجا بن عبد الكريم عمره حوالي 50 عاما ( مهندس متخصص بالبتروكيميائيات) لإعداد عبوة بوزن 10 كيلوغرامات من مواد (الكلور- وC4) من أجل تنفيذ المسرحية واتهام وحدات الجيش العربي السوري والأصدقاء».
وتفيد الوثيقة أن «توثيق المسرحية (يتم) من خلال عناصر الخوذ البيضاء الإرهابية ورفع دعاوى إلى الجهات والمنظمات الدولية ويرجح تنفيذ المسرحية بالتزامن مع انعقاد اجتماعات إقليمية من أجل توتير الأجواء وإفشال أي مبادرة للوصول إلى تقارب سوري-تركي. وكامل الموضوع يتم بإشراف المخابرات الغربية (الناتو) والأوكرانية من دون علم الأتراك».
تحدثت «القدس العربي» مع المهندس مازن عرجا الذي ذكرته الوثيقة في محاولة الوقوف على تلك الاتهامات، وعرضت عليه مضمون الوثيقة فقال عرجا مستغرباً: «أنا مهندس زراعي متخصص بالثروة الحيوانية ولست مهندس بتروكيميائيات كما تشير الوثيقة» وأضاف أن :»هم النظام هو الصاق التهم وتجريم المواطنين دون الحد الأدنى من احترام العقول». ونوه عرجا إلى انه «مقيم ولاية هاتاي في تركيا وليس في سوريا» وأن زياراته لإدلب هي لـ«فترات قصيرة من أجل لقاء العائلة» وأكد أن آخر مرة زار فيها سوريا كانت قبل نحو 3 شهور.
وتتزامن الوثيقة الأمنية مع كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الشهر الماضي حيث اتهم فصائل المعارضة بانها تقوم بالتحضير لعملية قصف بالسلاح الكيميائي بإدلب واتهام الجيش السوري.
والجدير بالذكر، أن أغلب عمليات استخدام الكيميائي من قبل النظام السوري جاءت بعد حملة دعاية كبيرة يقودها قائد الدبلوماسية الروسية. ويعزز ذكر الأصدقاء (المقصود به القوات الروسية) في الوثيقة من ضلوع موسكو بالتحضير لاستخدام السلاح الكيميائي.
كما أن الحديث عن «توثيق المسرحية من خلال عناصر الخوذ البيضاء الإرهابية ورفع دعاوى إلى الجهات والمنظمات الدولية» هو نص المرافعة الدائمة عبر وسائل الإعلام للوزير لافروف.
يضاف إلى أن نص الوثيقة في تناول المسار السياسي مع تركيا وأن استخدام السلاح الكيميائي في إدلب هدفه «إفشال أي مبادرة للوصول إلى تقارب سوري-تركي» هو تعبير روسي لا تستخدمه وزارة خارجية النظام السوري ـ فما بالك بأجهزة المخابرات التي تستخدم مصطلح «النظام التركي» عادة.
وفي برقية أخرى صادرة عن فرع فلسطين (الفرع 235) التابع لشعبة المخابرات العسكرية ومرسلة إلى فرع الأمن العسكري في اللاذقية (الفرع 223) وأفرع الأمن العسكري في كل من حلب وحماة وإدلب أيضا، بتاريخ 28 أيلول (سبتمبر) يبلغ رئيس فرع فلسطين من خلالها باقي رؤساء الأفرع بالمحافظات بأن فصائل المعارضة وجهت عناصرها إلى «تعزيز نقاط الرباط في قرى (ميزناز، كفر نوران، كفر حلب، داعل، تقاد، محيط الفوج 46 في الأتارب، بسرطون، كفر تعال، كفر عمة، الرويحة، الملاجة، الفطيرة، كفرنبل، الدار الكبيرة، فليفل، الترنبة، عين جرادة وشلخ..) وصولا إلى معرة نعمان ونقاط سراقب. إضافة إلى تعزيز جبهة السرمانية شمال غرب محافظة حماة ونقاط (عكو، عين القنطرة، تلة رشا، الزريقات، تلة الدبابات) في ريف محافظة اللاذقية.
وتنسب الوثيقة المسربة إلى مصدرها أن الفصائل المعارضة رصدت «استهتارا لعناصر الجيش العربي السوري على محاور الاشتباك في قرى (الملاجة، الفطيرة، كفرنبل، الدار الكبيرة فليفل الفطاطرة)».
وتنقل البرقية أن قادة فصائل المعارضة نقلوا عن قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني أنهم «أمام عملية عسكرية قريبة على عدة محاور وأنه لا مفر من تلك العملية» وطالب رئيس الفرع «اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر والتنسيق مع اللجنة الأمنية والعسكرية لمحافظة اللاذقية، بغية إفشال هجوم الإرهابيين» حسب ما جاء في البرقية.
وارفقت نسخ من البرقية إلى «الفرع 290» في حلب و«الفرع 271» في إدلب و«الفرع 219» في حماة بهدف التنسيق مع اللجان الأمنية والعسكرية في المحافظات الأربع المذكورة والتي تتشابك بخطوط تماس مع فصائل المعارضة السورية.
وفي سياق استعدادات النظام وتحسبه من هجوم لفصائل المعارضة، حصلت «القدس العربي» على وثائق إضافية خاصة بالفرقة السادسة في جيش النظام وهي أحد مكونات الفيلق الرابع ـ اقتحام والذي يضم الفرقتين الثامنة والثانية إلى جانب الفرقة السادسة، وينتشر كامل الفيلق في الساحل السوري. وفي إحدى الوثائق الصادرة عن اللواء علي صالح غريب قائد الفرقة السادسة- مشاة بتاريخ 29 ايلول (سبتمبر) يتهم من خلالها فصائل المعارضة «بإفراغ القرى والبلدات الواقعة على التماس المباشر مع قوات الجيش العربي السوري إلى مناطق داخلية وبعيدة».
وبسبب ذلك، طلب من كافة تشكيلات وقطعات الفرقة المذكورة «تشديد المراقبة والرصد واتخاذ أقصى تدابير الحيطة والحذر كون هذه الإجراءات تدل على وجود نية هذه المجموعات للقيام بأعمال إرهابية عدائية» حسب الوثيقة السرية.
ووجه قائد الفرقة الوحدات بـ «رفع جاهزية 50 في المئة للأسلحة الرئيسية (دبابات ـ عربات- ومدفعية ) و50 في المئة للأسلحة المتوسطة (الرشاشات14.5 و 12.7) إضافة إلى زيادة نسبة الجاهزية على الحد الأمامي مع الحفاظ على قوى المقاتلين بدون إرهاق» والابلاغ عن أي حالات لتفريغ المناطق المتاخمة والإشراف المباشر للقادة والقادة المرؤوسين
وقبل ذلك بأيام أصدر اللواء غريب أمرا بتجهيز «مخافر الرصد وتنظيفها وتمويهها بالوسائط الممكنة وحسب المتوفر من امكانيات وحث على استعمال وثائق المراصد المؤلفة من خريطة وسجل رصد وأدوات تحميل وكتابه ومخطط نقاط إعلام ووسائل الاتصال، وشدد على تواجد ضابط في كل نوبة و فتح سجل المناوبة في المرصد حسب النموذج المقرر والمعمم».
وفي تحديثات القصف الروسي على منطقة خفض التصعيد الرابعة (إدلب وما حولها) سجلت المراصد المحلية الخاصة بالقصف وحركة الطيران ارتفاعا في حدة القصف حيث بلغت عدد الغارات الجوية الروسية خلال الأيام الأربعة الأخيرة أكثر من 70 غارة على مختلف المناطق.
وتركزت الغارات في مناطق الكبانة في ريف اللاذقية وهي أهم النقاط الاستراتيجية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية. وقصفت القاذفات الروسية مناطق عرب سعيد وحرش قرية بسنقول وحرش قرية جوزف ومحيط بلدة البارة والهباط جنوبي معرة مصرين وقرية عين شيب غربي إدلب وفيلون والحسانية والشاتورية بريف جسر الشغور وأغلب قرى وبلدات جبل الزاوية.
وقبل نحو شهر وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، إن وزراء خارجية روسيا سيرغي لافروف، ووزير خارجية إيران عباس عراقجي، ووزير خارجية تركيا هاكان فيدان، «تبادلوا وجهات النظر حول تطورات الأوضاع في سوريا، وركزوا على عملية التطبيع على المدى الطويل».
وبسبب انشغالات الأطراف بالأوضاع الدولية والإقليمية فقد اقتصر اجتماع مسار آستانة بين الأطراف الثلاثة الضامنة على اجتماع واحد خلال العام الجاري عقد في كانون الثاني (يناير) فيما تشير التوقعات إلى انعقاد الجولة 22 خلال تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.