كشفت وسائل إعلام إيطالية عن انسحاب إيطاليا بهدوء من مجموعة جنيف الأممية لمراقبة حقوق الإنسان في سوريا، وذلك في خطوة جديدة ضمن مسار تطبيع العلاقات الذي تتبعه الحكومة الإيطالية مع نظام بشار الأسد.
وفقاً لصحيفة “إل فوليو” الإيطالية، انسحبت إيطاليا من المجموعة يوم الخميس، حيث لم تظهر بين الدول الموقعة على مسودة القرار الذي تم اعتماده خلال اجتماعات الدورة السابعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. وأفادت الصحيفة أن القرار كان متداولاً منذ فترة، وأصبح الآن رسمياً.
انتقادات حقوقية واتهامات بتجاهل الجرائم
وصفت مديرة الاتصالات في حملة سوريا لحقوق الإنسان، رنيم أحمد، قرار الحكومة الإيطالية بأنه “مخزٍ” ويظهر عدم اهتمام إيطاليا بـ ضمان احترام حقوق الإنسان. وأضافت أن أي محاولة للتقارب مع الأسد تعتبر خرقاً للقوانين والأحكام الدولية، داعيةً الحكومة الإيطالية إلى مراجعة موقفها.
من جانبها، اعتبرت الخبيرة القانونية في برنامج التنمية القانونية السوري، فيرونيكا بيللينتاني، أن إيطاليا تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إرسال رسالة براغماتية مفادها أنها مستعدة لتجاهل جرائم مثل التعذيب والقتل، من أجل المصالح السياسية.
خطوات تسارعية للتقارب الإيطالي-السوري
في الأشهر الأخيرة، تسارعت خطوات التقارب بين إيطاليا وسوريا، حيث أشارت الصحيفة إلى أن إيطاليا تسعى إلى أن تكون محورًا في مجموعة دولية لإنشاء مناطق آمنة داخل سوريا بهدف إعادة اللاجئين السوريين. وشهد شهر أيار/مايو زيارة رئيس جهاز الاستخبارات الإيطالية، جاني كارافيللي، إلى دمشق، حيث التقى بشار الأسد ومسؤولين سوريين لمناقشة هذه الخطط.
ورغم نفي الحكومة الإيطالية أنباء مشابهة، إلا أن إيطاليا عينت بعد ذلك بشهر ستيفانو رافانيان سفيراً لها في دمشق، ما يعزز من احتمالية عودة العلاقات بشكل أكبر.
الانقسام الأوروبي حول العلاقات مع النظام السوري
تشهد دول الاتحاد الأوروبي انقساماً حول التعامل مع النظام السوري، حيث يرى فريق بقيادة الممثل الأعلى للسياسة الخارجية، جوزيب بوريل، أنه من الضروري الالتزام بقرارات الأمم المتحدة، فيما يدفع فريق آخر، تمثله رئيسة المفوضية أورسولا فون ديرلاين، نحو تغيير في العلاقة مع النظام السوري. كما لعبت الكنيسة الكاثوليكية دورًا مؤثرًا في هذا التقارب، داعية إلى تخفيف العقوبات على سوريا بعد الزلزال الذي ضرب البلاد في عام 2023.
مطالب بدور أوروبي أكثر فاعلية
وفي رسالة وجهتها إيطاليا ومجموعة من ثماني دول أوروبية إلى جوزيب بوريل، طالبت الدول بضرورة إعادة النظر في السياسة الأوروبية تجاه سوريا لتصبح أكثر فاعلية وتتماشى مع التطورات الجديدة، بما في ذلك الغزو الروسي لأوكرانيا وتحركات الدول العربية نحو تطبيع العلاقات مع الأسد.