رفضت المحكمة الإدارية العليا في ولاية شمال الراين بألمانيا دعوى تقدم بها طالب لجوء سوري، استند في طلبه إلى: "خشيته من استدعائه إلى الخدمة الاحتياط إذا ما تم إبعاده إلى سوريا يوماً"، الأمر الذي خلق إرباكاً في أوساط اللاجئين السوريين، خاصة الحاصلين على الحماية الإنسانية ومدتها سنة واحدة، والذي كانوا وجدوا في قرار سابق لمحكمة العدل الأوربية؛ أملاً في تحسين وضع اقاماتهم المحدودة في ألمانيا.
واللاجئ السوري المشار إليه، هو من ضمن عدد كبير من اللاجئين الحاصلين على حق الحماية المحدودة، التي تمنحها المحاكم الألمانية للاجئين القادمين من بلاد تشهد حرباً أهلية أو كوارث طبيعية على سبيل المثال، تشكل خطراً على المواطنين فيها، فتمنحهم دوائر اللجوء إقامة لمدة محدودة تصل إلى سنة واحدة، وتجري مراجعة دورية لها في نهايتها، استناداً إلى دراسة وضع بلد اللاجئ، وعندما تجد السلطات بأن الظروف الطارئة لا تزال قائمة تقوم بتمديد الإقامة، أما إذا وجدت بأن تغييرات إيجابية حدثت في البلاد، فيطلب من اللاجئ ـ نظرياً ـ العودة إلى بلده.
إلا أن هذه النظرية تبقى بعيدةً عن التطبيق غالباً، لأن اللاجئ الحاصل على حماية بسبب أوضاع قاهرة في بلاده، يحصل في التمديد الأول على إقامة مدتها سنتين ـ وهو ما يحصل عليه معظم السوريين ـ، إذا ما أثبت تلبيته لشروط الاندماج، من تعلم لغة البلاد والعمل وإعالة نفسه وعدم ارتكاب مخالفات كبيرة، ويمكنه بعد ذلك الحصول على إقامة مفتوحة إذا قام بتحقيق مزيد من متطلبات الاندماج، كما يمكنه بالتوازي إقامة دعوى لجوء ثانية لاحقة على طلب اللجوء، على أن يثبت فيها وجود خطر على حياته أو حريته في بلاده، كونه معارض لنظام الحكم فيها، أو ملاحق من قبله بسبب آرائه السياسية أو معتقداته الدينية على سبيل المثال.
وكانت محكمة العدل الأوربية أصدرت في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، قراراً لصالح طالب لجوء سوري، كان طعن في قرار محكمة إدارية ألمانية رفضت منحه حق اللجوء، رغم كونه مطلوباً للخدمة العسكرية لدى نظام الأسد. وأحيا قرار المحكمة الأوربية آمال السوريين المطلوبين للخدمة العسكرية، أو ممن هم في سن الاحتياط، رغم أن المحاكم الألمانية استمرت في اتخاذ القرارات استناداً إلى وضع كل قضية معروضة عليها، ذلك أن قرار محكمة العدل الأوربية لم يكن قطعياً، بل ترك منح اللجوء من عدمه لتقديرات المحاكم الوطنية الأوربية، على أن تأخذ في الاعتبار عند اتخاذ قرارها، سبب رفض الخدمة العسكرية، وما إذا كان الرفض سيعرض طالب اللجوء للاضطهاد.
ويدل قرار المحكمة الألمانية الأخير في قضية اللجوء أعلاه بوضوح، على أن الفرار من الخدمة العسكرية أو الامتناع عن أدائها أو الخشية من الاستدعاء إليها، لا تشكل لوحدها أسباباً للحصول على حق اللجوء، فهذه الأسباب تعتبر أسباباً عامة، مثلها مثل الكوارث أو الحروب التي تقع في بلد طالب اللجوء، إذ لا بد من أن يكون اللاجئ مستهدفاً لشخصه، بسبب نشاطه السياسي على سبيل المثال، وإلا اعتبرت المحاكم الأوربية، ومنها محاكم ألمانيا الشخص مرتكباً لمخالفة حسب قانون بلاده، مهما كان حجم العقوبة المترتبة عليه، إذ تعتبر المسألة مشكلة داخلية بحتة، بين طالب اللجوء وسلطات بلاده، تنأى بنفسها عن التدخل فيها.
ويعاقب قانون العقوبات العسكري السوري: "المتهربين من التجنيد بالسجن من شهر إلى ستة أشهر في وقت السلم، وبعد ذلك يتعين عليهم إكمال خدمتهم العسكرية بالكامل"، بينما يعتبر القانون التخلف عن الخدمة الإلزامية في زمن الحرب: "جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات، ويجب على الأفراد إكمال خدمتهم العسكرية بعد تنفيذ العقوبة".