دعا المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” جوش روغين إدارة بايدن لمنع القادة العرب من إعادة تأهيل رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وقال فيه: “عندما تحدث الرئيس الأوكراني فولدومير زيلنسكي أمام تجمع القادة في قمة الجامعة العربية، الأسبوع الماضي. قرر رئيس النظام السوري العائد من جديد إلى المنظمة رفع سماعة الترجمة ورفض الاستماع للخطاب. وكان مجرد حضور الأسد في القاعة مظهرا عن طرش الجامعة العربية لمناشدات أوكرانيا. فقد رمى القادة العرب بثقلهم خلف الجزار السوري وحليفه المقرب الرئيس فلاديمير بوتين”.
وأشار روغين إلى أن التطبيع مع نظام الأسد جار منذ وقت، إلا أن الصور من القمة العربية في جدة، السعودية مقلقة. فقبل 12 عاما طرد الديكتاتور السوري من الجامعة لقمعه الوحشي لشعبه. واستقبله اليوم ولي العهد السعودي بالأحضان. وفي خطاب أمام القمة قال محمد بن سلمان إن الوقت قد حان “لطي صفحة الماضي” مضيفا “نأمل أن يسهم هذا بدعم استقرار سوريا واستعادة دورها الطبيعي في العالم العربي”.
ووعد الأسد بالتعاون مع الدول العربية لمنع تهريب المخدرات إذ استخدم بوقاحة سيطرته على تجارة المخدرات الهائلة من كبتاغون كورقة مقايضة. وبالمقابل، وعدت الدول العربية بمليارات الدعم لسوريا، ومعظمها سيجري تحويلها إلى خزائن الأسد الفاسد.
وناشد زيلينسكي حس القادة العرب الأخلاقي ودعاهم إلى مقاومة تأثير روسيا والوقوف مع مبدأ السيادة والاستقلال الوطني. وحاول استثارة تعاطفهم باستحضار المسلمين التتار في شبه جزيرة القرم الذين يواجهون الاضطهاد منذ ضم روسيا لها في 2014. ودعا الجامعة العربية الوقوف في وجه جرائم الحرب. وقال “أنا متأكد من وحدتنا لحماية الناس من أقفاص السجون الروسية” و”للأسف، هناك البعض حول العالم وهنا بينكم من غضوا الطرف عن هذه الأقفاص والضم غير الشرعي”.
ويرى الكثيرون أن دعوة زيلينسكي إلى جدة هي محاولة لصرف النظر عن عودة الأسد. ولكنها انتهت بعكس ما أريد منها وهي الكشف عن “الحيادية الكاذبة” للدول العربية من الحرب الروسية- الأوكرانية. فالسعودية والإمارات العربية المتحدة، مثلا، رفضتا شجب غزو بوتين واستخدمتا بدلا من ذلك قوتهما الاقتصادية لتقوية أسعار النفط، مما قوض العقوبات الغربية على بوتين ونظامه.
والآن، ومن خلال مدح الأسد، شريك روسيا في جرائم الحرب، فقد رفضت الجامعة العربية بشكل ضمني مناشدات زيلينسكي.
وتقول الولايات المتحدة إنها لن تطبع العلاقات مع الأسد، لكنها لن تقف أمام الدول العربية التي تفعل هذا، وهذا تخل عن التزام عمره 12 عاما لتحميل الأسد مسؤولية جرائمه الجماعية. وهو فشل بتطبيق قانون أمريكي يقضي بفرض العقوبات على من يقدمون العون إلى الديكتاتور السوري. في إشارة لقانون قيصر الذي مرره الكونغرس عام 2019 في محاولة للضغط على الأسد لوقف عمليات التعذيب والقتل للأبرياء، لكن إدارة ترامب وبايدن لم تطبقا القانون، ولهذا يحاول الكونغرس دفع الإدارة إلى التحرك.
ففي هذا الشهر صوتت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب وبالإجماع على قانون ضد التطبيع مع الأسد، وأرسلته إلى المجلس، ويحظى القانون بدعم 30 آخرين من كل الأطياف السياسية، منهم الديمقراطي آدم بي شيف والجمهوري مايكل ماكول. ولو جرى تمريره وأصبح قانونا فسيعزز قانون قيصر ويمد من صلاحيته حتى عام 2032 ويغلق كل الثغرات.
ومن الأمور الأخرى التي سيطلب القانون من الإدارة تحديدها وهي “الجمعيات الخيرية” التي يقال إنها تصرف العون الإنساني إلى النظام، ويستهدف تحديدا مجموعة “الأمانة السورية للتنمية” المرتبطة بالسيدة الأولى أسماء الأسد. ويطلب القانون من الإدارة التحقيق في أي تحويلات مالية للمناطق الخاضعة لسيطرة الأسد ومصدرها أي دولة في الشرق الأوسط. وليس غريبا محاولة عدة دول في المنطقة الضغط ضد القانون هذا.
ويقول روغين إن استعداد إدارة بايدن للموافقة على قبول العرب الأسد أثار نقادا آخرين من خارج الكونغرس. فقد دعم قانون ضد التطبيع مع الأسد، مسؤولون سابقون في الأمن القومي من الحزبين بمن فيهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية السابق بمجلس النواب إليون أل إنجيل ومستشار الأمن القومي السابق أتش آر ماكمستر الذي قال “يجب على الولايات المتحدة العمل وبشكل مستمر على عزل الأسد المجرم ونظامه القاتل” و “الأسد ورعاته الروس والإيرانيين يريدون من الدول الغنية أن تتحمل مسؤولية إعادة إعمار المدن التي حولت إلى أنقاض”. ويختم بالقول إن العقوبات تركت آثارا غير مقصودة على المدنيين، ولهذا السبب يستثني القانون الحالات الإنسانية الحقيقية.
وربما ناقش النقاد من أن العقوبات ضد الأسد لم تنجح حتى الآن، وهذا لأن قانون قيصر لم يستخدم أبدا. ومواصلة الضغط على من يمولون الأسد هي الطريقة الوحيدة لردعهم عن مساعدته حتى يفرج عن آلاف المعتقلين في أقبيته ويتوقف عن ذبح السوريين الذين يعيشون في المناطق الخارجة عن سيطرته.
وبغضّهم الطرف عن جرائم الحرب التي ارتكبها الأسد، فإن أعضاء الجامعة العربية كانوا واضحين بأنهم لا يهتمون بجرائم الحرب التي ارتكبها بوتين أيضا. وحتى يقوم أشخاص بعمل شيء لتحميل الأسد ومن يقدمون إليه العون، فإن ضحاياهم السوريين والأوكرانيين لن يكونوا آخر الضحايا.