خرج رفعت الأسد في أول ظهور له بعد عودته إلى سوريا، على وسائل التواصل، من نافذة الصفحة الشخصية لحفيدته «شمس» ابنة ولده الأكبر دريد، التي نشرت صورة لها تجمعها مع جدها، الذي بدا بدوره «منتصراً مـزهوا» بعد فشل كل المحاولات القانونية لملاحقته بسبب دوره في جرائم ضد الإنسانية في سوريا، وإفلاته من الملاحقة القضائية الفرنسية حيال جرائم مالية.
وتداولت مواقع وصفحات التواصل صورة رفعت الأسد على نطاق واسع، وأثارت زوبعة من ردود الأفعال الغاضبة والمستهزئة من مسألة إفلات «جزار حماة» كما يصفه السوريون من العقاب في أوروبا، وهو صاحب سجل أسود في تاريخ الإجرام والفساد. ففي منشور له على حسابه في «فيسبوك» كتب نجل وزير الدفاع السوري الأسبق فراس طلاس، حول عودة رفعت الأسد إلى دمشق، «عودته بحد ذاتها لا تعنيني كشخص سوى أنه أسدي متقاعد فعمره 84 سنة، وفي سوريا هناك طريقان فقط للتخلص من الأسدية، أو موت البلد وتعفنها لعقود طويلة في حال بقائهم.
«إفلات السفاح»
من يجب أن يقلق ويعنيه عودة رفعت؛ هي أسماء الأخرس الأسد، فسومر وريبال وسوار أبناؤه العائدون معه، لديهم أطماع في السلطة ولديهم بعض العلاقات الدولية وفهم السياسة الدولية، والأهم لديهم علاقات عميقة مع ابن عمهم ماهر الأسد ومع مئات الضباط في الساحل».كما كتب المحامي المقيم في فرنسا زيد العظم «من حيث المبدأ، فإن ما قرأناه بالأمس عن إفلات السفاح رفعت الأسد من العقاب حيث حكم محكمة النقض كان سيصدر خلال أسابيع بسجن المتهم 4 سنوات، هو أمر صادم بكل ما تعنيه الكلمة». وأوضح أنه يتواصل «بشكل مكثف مع منظمة CHERPA وأحاول الحصول على تفاصيل من قضاة النيابة العامة، لذا الصورة ستكون أوضح يوم الاثنين عند بداية الدوام. وخلال أيام منظمة CHERPA التي تحمل لواء مقاضاة السفاح رفعت، ستصدر بياناً توضيحياً حول ما جرى».مضيفًا «رفعت الأسد هرب من السجن الفرنسي إلى سجن الإقامة الجبرية هناك، وهناك الأعفن من كل سجون الأرض». بينما استهزأ الصحافي والناقد اللبناني حازم صاغية على عودة رفعت قائلاً «أوروبا خسرت رفعت الأسد، انتكاسة أخرى لمشروع التنوير». المعارض والمحامي السوري بسام طبلية عقب قائلاً «مازالت الجرائم التي اقترفها رفعت في سوريا عام 1982 لم ينسها الشعب بعد، ليعود النظام المجرم بالسماح لرفعت بالعودة إلى دمشق، مؤكدين على كلامنا أن سوريا ما هي إلا مزرعة لعائلة الأسد – من وجهة نظرهم – وليست بلداً ديمقراطياً ذا مؤسسات».وكتب أيضاً «أن السماح لرفعت بالعودة إلى دمشق – وتغاضي فرنسا عن خروجه إلى دمشق بعد صدور حكم بسجنه مدة أربع سنوات ومصادرة أمواله – ما هو إلا دليل على أن سوريا هي مرتع المجرمين مقترفي الجرائم بحق الشعب السوري ابتداءً من رفعت مروراً بحافظ وليس انتهاءً ببشار وإيران وروسيا ووو… مصادرة أموال رفعت التي سرقها من الخزينة السورية بطرق ملتوية، ثم جمعه مزيداً من الأموال في بقية دول أوروبا ثم مصادرتها من فرنسا (وقبلها باسل الأسد والنمسا أعادت نصف المليارات آنذاك وتم فبركة عقد زواج لباسل للسماح بتمرير النصف لبشار آنذاك باعتبار أن القانون الأوربي/ النمساوي يعطي الزوجة نصف الممتلكات) هو دليل أخر أن الدول الأوربية تسمح بسرقة الأموال من المجرمين والدول الدكتاتورية ثم تصادرها تحت مسميات مختلفة، وما سماح فرنسا بخروج رفعت منها إلا دليل على تواطئها معه وإلا ما سبب عدم ملاحقتها له بالجرائم ضد الإنسانية التي اقترفها ضد الشعب السوري؟؟!!!».
وأضاف «عودة رفعت الأسد (صاحب شهادات الدكتوراه) في زمن أخيه (ابحثوا عن مصدرها تعرفون حقيقته)، عودته إلى دمشق دون أي اعتبار للقوانين السورية أو مشاعر السوريين يدل دلالة قاطعة أن نظام الأسد في دمشق لا يعير بالاً لشعبه أو للقوانين السورية أو حتى للدستور، فما أهمية اللجنة الدستورية في ظل عدم وجود نسيج اجتماعي أو مؤسسة قضائية حرة ونزيهة وسيطرة الأمن عليها. رفعت الأسد مجرم ويجب محاكمته عن جرائمه».
بينما عقب المعارض السوري رائف العطار على هروب رفعت الأسد قائلاً «رفعت الأسد جزّار حماه. رفعت الغول الذي كان جنوده في المجزرة يرمون حديثي الولادة والأطفال في أولى خطواتهم من النوافذ وهم يقولون للأمهات مقهقهين اذهبن للأسفل لتتلقفنهم – هذا السايكوباث قام بتمويل نفق بحر المانش من الأموال التي جناها من بيع آثار سوريا. لا يوجد رمز للفساد والجريمة والانحطاط مثل هذا الرجل، وسوريا اليوم التي صنعها بشار الأسد بيئة طبيعية لمثل هذا الوخم».
بدوره عقب المعارض السوري عبد الحميد سيدا على فشل كل المحاولات القانونية لملاحقة رفعت الأسد دون معرفة ظروف خروجه من فرنسا قائلاً «جرت أكثر من محاولة لملاحقته وواقع ضعف المعارضة السورية خلال عقود لم يساعد على زيادة فرصة إنجاحها، لكن لنكن صريحين لنقل بأنه تم إعطاء رفعت الأسد نوعاً من الحصانة التي رافقت إقامته في عدة دول أوروبية وجعلته يتمتع حتى الفجور بالأموال التي أخذها من سوريا مقابل ترك أخيه حافظ في الحكم».
وأضاف «سويسرا وفرنسا وإسبانيا وإنكلترا فتحت له أبوابها ولم تزعجه إلا في السنوات الأخيرة. يكاد يكون السبب سراً لا يعرفه إلا هو لأن مسألة المال والفائدة المادية منه ليست كافية لكي يستمر ما يقرب الأربعة عقود في هذه الحالة. صحيح أن له قرابة وصداقة مع ملك السعودية الراحل عبد الله لكن هذا لا يفسر تسامح الدول المذكورة معه رغم أنه كانت له ولأولاده تجاوزات كثيرة، البعض يعتقد أنه كان يتمتع بحماية أمريكية. أنا وصلت إلى ما يشبه القناعة بأن اللغز هو في مكان آخر لم يتكلم عنه أحد، لا من طرف رفعت ولا في الدول المعنية».وأضاف «برأيي السبب استخباراتي بحت. رفعت كان بإمكانه تقديم أكبر وأضمن وأمتن شبكة تجسس في سوريا للدول المعنية وأولها فرنسا وإنكلترا وبشكل غير مباشر لإسرائيل وبرأيي هو فعل هذا كثمن لهذه الحصانة. واللبيب من السوريين يستطيع تخمين كيفية هذا. قصة السوريين مع رفعت الأسد تلخص وضعهم في بلدهم وعلاقتهم مع العالم».