عقدت مبادرة مدنيّة بالتعاون مع مؤسسة اليوم التالي، يوم الأحد 21 كانون الأول/ديسمبر 2025، مؤتمراً لعرض النتائج الأولية لمشروع مرصد الانتقال السياسي في سوريا، وذلك بحضور فاعلين محليين وباحثين ومهتمين بالشأن العام.
ولم يُقدَّم المؤتمر بوصفه منصة لإطلاق مواقف سياسية أو تبنّي تصورات جاهزة، بل كمساحة لعرض أداة قياس منهجية تسعى إلى الإجابة عن سؤال مركزي: كيف يمكن تقييم مسار الانتقال السياسي في سوريا بطريقة عملية وقابلة للتحقق؟
من الأسئلة تنطلق المؤشرات
خلال جلسات المؤتمر، جرى استعراض مصفوفات مؤشرات تغطي عدداً من المحاور الأساسية، من بينها العدالة الانتقالية، والإصلاح الدستوري والقضائي، والانتخابات، والإصلاح الأمني، إضافة إلى السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
واتّسمت النقاشات بطابع أقرب إلى ورشة تفكير جماعي، حيث صيغت المؤشرات على شكل أسئلة ومعايير تقييم، بدلاً من استخلاص نتائج نهائية، في محاولة لرصد مستويات التقدّم أو التعثّر في كل ملف على حدة.
كيف نُقيّم؟ سؤال المنهج قبل النتائج
اللافت في العروض المقدَّمة كان تركيزها على آليات القياس بقدر تركيزها على مضمون الملفات نفسها. إذ طُرحت تساؤلات حول الجهات التي تراقب المسار الانتقالي، وطرق جمع البيانات، والمعايير التي تجعل أي عملية سياسية قابلة للمساءلة والمتابعة، بعيداً عن الخطاب الإنشائي أو التوصيفات العامة.
الانتخابات: النزاهة كممارسة قابلة للرصد
في محور الانتخابات، ناقش المشاركون مؤشرات تتعلق بالإطار القانوني، وإدارة العملية الانتخابية، ومستويات المشاركة المجتمعية، ودور الإعلام، وآليات تسوية النزاعات الانتخابية. وتركّز النقاش على ربط مفهوم النزاهة بإجراءات واضحة يمكن مراقبتها وتقييمها، لا بالاكتفاء بالشعارات أو النوايا المعلنة.
الإصلاح الأمني: ملف حساس في صلب الحياة اليومية
أما في ملف الإصلاح الأمني، فقد عكست المؤشرات المطروحة حساسية هذا المسار وتعقيداته، من خلال التركيز على خضوع المؤسسات الأمنية للسلطة القضائية، والمساءلة عن الانتهاكات، وشفافية إدارة الموارد، ودور المجتمعات المحلية في تحديد أولويات الأمن.
وأثارت هذه النقاط نقاشاً واسعاً بين الحضور، نظراً لارتباطها المباشر بتجربة السوريين اليومية، وما تمثّله من تحديات جوهرية في أي عملية انتقال سياسي.
إطار رصد لا حلول جاهزة
من خلال مجمل الجلسات، بدا واضحاً أن المشروع لا يسعى إلى تقديم وصفات مكتملة أو حلول نهائية، بل إلى بناء إطار منهجي يساعد على قراءة الواقع الانتقالي كما هو، وربط السياسات العامة بمعايير قابلة للاختبار والمراجعة مع مرور الوقت.
مسار مفتوح للتطوير
واختُتمت الجلسات الرسمية للمؤتمر بنقاش عام حول سبل تطوير المؤشرات وتوسيع قاعدة المشاركة في صياغتها، على أن تُستكمل مراحل العمل لاحقاً ضمن مسار مفتوح لا يزال في بداياته، ويهدف إلى تعزيز الفهم العملي لمسارات الانتقال السياسي في سوريا.