نفذت طائرات إسرائيلية غارات على غزة يوم الثلاثاء بعد أن اتهمت إسرائيل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بانتهاك وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني، في أحدث اختبار لاتفاق هش توسط فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق من الشهر الجاري.
وقالت السلطات الصحية في قطاع غزة إن الغارات أسفرت عن مقتل 26 شخصا على الأقل، منهم خمسة في منزل بمخيم البريج للاجئين بوسط القطاع، وأربعة في مبنى بحي الصبرة بمدينة غزة، وخمسة في سيارة في خان يونس.
وذكر شهود أن الغارات الجوية التي شنتها طائرات إسرائيلية استمرت حتى وقت مبكر من صباح الأربعاء في أنحاء القطاع.
ولم يصدر الجيش الإسرائيلي تعليقا حتى الآن على الغارات، التي تعد أحدث حلقة من العنف في وقف إطلاق نار مستمر منذ ثلاثة أسابيع.
وجاءت الغارات في أعقاب إصدار مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بيانا أشار فيه إلى أن رئيس الوزراء وجه بشن “هجمات قوية” على الفور.
ولم يوضح البيان سبب الغارات، لكن مسؤولا عسكريا إسرائيليا قال إن حماس انتهكت وقف إطلاق النار بشن هجوم على قوات إسرائيلية في منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية داخل القطاع.
وأضاف المسؤول “يمثل هذا الهجوم انتهاكا صارخا آخر لوقف إطلاق النار”.
ودخل وقف إطلاق النار، الذي تدعمه الولايات المتحدة، حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر تشرين الأول، لينهي حربا استمرت عامين والتي اندلعت عقب هجمات شنتها حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 وأدت إلى تدمير القطاع الساحلي.
وقال نائب الرئيس الأمريكي جيه.دي فانس، الذي زار إسرائيل الأسبوع الماضي مع عدد من مسؤولي الإدارة الأمريكية، إن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة صامد رغم التصعيد الأخير.
وأضاف فانس للصحفيين “هذا لا يعني أنه لن تكون هناك مناوشات صغيرة هنا وهناك. لدينا علم بأن حماس أو جهة أخرى داخل غزة هاجمت جنديا (إسرائيليا). نتوقع أن يرد الإسرائيليون، لكنني أعتقد أن السلام الذي أعلنه الرئيس الأمريكي سيصمد رغم ذلك”.
وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن قوات إسرائيلية تبادلت إطلاق النار مع مقاتلين من حماس في مدينة رفح بجنوب غزة..
ونفت حماس مسؤوليتها عن الهجوم الذي تعرضت له قوات إسرائيلية في رفح. كما أكدت الحركة في بيان التزامها باتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وجاءت الغارات على مدينة غزة بعد ما وصفتها إسرائيل بأنها “ضربة مستهدفة” شنتها يوم السبت على شخص في وسط غزة تقول إنه كان يخطط لمهاجمة جنود إسرائيليين.
واتهم نتنياهو حماس في وقت سابق بانتهاك وقف إطلاق النار بتسليم رفات لا يعود لأي من الرهائن المتبقين في إطار عملية إعادة جثث الرهائن إلى إسرائيل.
وقال نتنياهو إن الرفات الذي سلمته حماس يوم الاثنين يعود إلى الإسرائيلي أوفير تسرفاتي الذي قتل في هجوم الحركة على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023. وكانت القوات الإسرائيلية استعادت أجزاء من رفات تسرفاتي بالفعل خلال الحرب.
وقالت حماس في البداية إنها ستسلم إلى إسرائيل رفات رهينة عثر عليه داخل نفق في قطاع غزة. إلا أن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أعلنت في وقت لاحق أنها ستؤجل عملية تسليم الرفات المقررة بسبب ما وصفتها بأنها “خروقات” من جانب إسرائيل لوقف إطلاق النار.
وفي وقت متأخر الثلاثاء، أصدرت كتائب القسام بيانا قالت فيه إنها انتشلت جثتي الرهينتين الإسرائيليين عميرام كوبر وساعر باروخ خلال عمليات بحث في غزة.
وذكرت حماس أن نتنياهو يبحث عن ذرائع للتراجع عن التزامات إسرائيل.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، أفرجت حماس عن جميع الرهائن الأحياء مقابل إطلاق سراح نحو ألفي سجين ومحتجز فلسطيني، منهم فلسطينيون احتجزوا خلال الحرب، في حين تراجعت القوات الإسرائيلية وأوقفت هجومها.
البحث عن جثث الرهائن
وافقت حماس أيضا على تسليم جثامين جميع الرهائن التي لم يتم انتشالها بعد لكنها قالت إن الأمر سيستغرق وقتا لتحديد أماكن الجثث وانتشالها. وتقول إسرائيل إن بوسع حماس الوصول بسهولة إلى معظم الرفات.
وأصبحت القضية إحدى النقاط الشائكة الرئيسية في اتفاق وقف إطلاق النار الذي يقول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يراقبه عن كثب.
وقدم ترامب الهدنة واتفاق تبادل الرهائن على أنهما من أهم إنجازاته السياسة الخارجية في ولايته الثانية. وقد سعى هو وكبار مساعديه إلى الحفاظ على ثبات وقف إطلاق النار.
ولم يرد البيت الأبيض بعد على سؤال بشأن ما إذا كانت إسرائيل قد أخطرت الولايات المتحدة قبل تنفيذ الضربات على غزة.
وقال مسؤولون في غزة وشهود ووسائل إعلام تابعة لحماس إن الغارات الإسرائيلية استهدفت مبنى سكنيا ومنطقة قريبة من مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى عامل في شمال غزة.
وتسارعت وتيرة عمليات البحث عن رفات الرهائن خلال الأيام القليلة الماضية منذ وصول آليات ثقيلة من مصر. وتعمل جرافات في خان يونس بجنوب قطاع غزة، وفي الشمال في النصيرات، وسط انتشار مقاتلين من حماس.
ويعتقد أن بعض الجثث موجودة في شبكة الأنفاق التي حفرتها حماس تحت سطح الأرض في غزة.
وقال شهود في خان يونس إن فرقا مصرية، بالتعاون مع مسلحي حماس، حفرت حفرا عميقة بالقرب من مدينة حمد السكنية، الممولة من قطر والواقعة غرب خان يونس، للوصول إلى فتحات الأنفاق.
وأظهرت صور التقطتها رويترز حفرة يصل عمقها إلى نحو 12 مترا تحت سطح الأرض، مع وجود رجال من حركة حماس في قاع الحفرة بجوار فتحة نفق فيما يبدو أنها عملية بحث عن جثث بداخله.
وتقول السلطات الصحية في غزة إن 68 ألف فلسطيني على الأقل تأكد مقتلهم في الغارات الإسرائيلية وإن آلافا آخرين في عداد المفقودين. وشنت إسرائيل الحرب بعد أن اقتحم مسلحون بقيادة حماس جنوب إسرائيل وقتلوا بحسب إحصاءات إسرائيلية 1200 شخص واقتادوا 251 رهينة إلى غزة