المصرف المركزي السوري دون حاكم ولا ترشيحات حتى الآن

السوري اليوم - متابعات
السبت, 17 أبريل - 2021
المصرف المركزي السوري /انترنت
المصرف المركزي السوري /انترنت

لا يزال البنك المركزي في سوريا دون حاكم ، وذلك بعد المرسوم الذي أصدره رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الأربعاءالماضي ، وأقال بموجبه الحاكم السابق، حازم قرفول، في قرار مفاجئ يترافق مع أسوأ أزمة اقتصادية تعيشها البلاد.

ذكرت " الحرة "في تقرير لها أن الفراغ في منصب "الحاكم" في الوقت الحالي هو حالة استثنائية لم يسبق أن شهدتها سوريا في العقود الماضية، حسب محللين اقتصاديين، أشاروا بدورهم إلى أن ذلك قد يرتبط بشيء أو بآخر بالصراع الذي يدور بين ما توصف بـ"الأجنحة المتضاربة" داخل الدائرة الضيقة للسلطة في دمشق.

من جهة اخرى ، يمكن اعتبار  عدم تسمية حاكم جديد خلفا لقرفول قد يكون امرا عاديا ، بسبب أن لهذا المنصب نائبين، الأول هو محمد إبراهيم حمرة، فيما يشغل منصب النائب الثاني، محمد عصام هزيمة.

وكان حمرة وهزيمة قد استلما مهامهما بموجب قرار صادر عن رئيس مجلس الوزراء السابق، عماد خميس أواخر عام 2018.

وفي عهد قرفول، منذ عام 2018، شهدت الليرة السورية تدهورا كبيرا في سوق العملات الأجنبية، حتى أنها وصلت منذ قرابة شهر إلى حد 5000 ليرة أمام الدولار الأميركي الواحد، وهو الأمر الذي اعتبرته مصادر مقربة من نظام الأسد السبب الرئيسي في إعفائه من منصبه.

الاسباب خلف الإقالة 

 نشرت صحيفة "الوطن" شبه الرسمية، تقريرا حمل عنوان "لهذه الأسباب تم إعفاء مصرف سوريا"، تطرقت فيه إلى أسباب إعفاء قرفول من منصبه.

وحمّلت الصحيفة قرفول مسؤولية ارتفاع سعر الصرف خلال العام الماضي، وبحسب ما نقلته: "لم يمتلك الجرأة والمسؤولية ليأخذ إجراء تقنيا يكبح ارتفاع الدولار، كما أنه كان يرفض المقترحات المفيدة التي كانت تطرح لتقوية الليرة وتعزيز قدرتها أمام الدولار بحجة أنها مقترحات غير صحيحة".

واضافت  "الوطن" أن قرفول لم يمتلك  "حتى فكر المبادرة، ولم يمتلك تقنية التفكير الصحيح في مجاله المالي والمصرفي".

واتهمته بأنه لم يتتبع جهة ذهاب القروض التي منحها لـ"تجار حرب"، وكان متمسكا بفكرة أنه من الصعب مواجهة الدولار حتى أُعفي عمليا خلال الأسابيع الأخيرة.

وأشارت إلى أن حكومة الأسد شكلت لجنة برئاسة نائبه وأعضاء من مجلس "النقد والتسليف" وخبراء ماليين قدموا قائمة من المقترحات نتج عنها تخفيض سعر الدولار خلال الأسابيع الماضية في السوق السوداء من 4800 إلى 3100 ليرة.

ذرائع لانهيار  الليرة 

كل ما سبق يتناقض  مع الذرائع والمبررات التي كانت تضعها حكومة الأسد كأسباب رئيسية لتدهور العملة في البلاد، مؤخرا.

ومن هذه الذرائع العقوبات الغربية التي فرضت على رأس النظام والمقربين منه بصورة متواترة وعلى عدة فترات، في مقدمتها العقوبات المرتبطة بقانون "قيصر"، إلى جانب انهيار الموارد ومقومات الاقتصاد التي كانت تعتمد عليها سوريا ما قبل عام 2011.

و يرى مراقبون اقتصاديون  أن طريقة الهجوم التي بدأت في الأيام الماضية على قرفول "مبالغ فيها".

ويقول يونس عبد الكريم الاستشاري اقتصادي  في تصريحات لموقع "الحرة" إنها ترتبط بمحاولة حكومة الأسد تحميله السبب الجوهري لتدهور الليرة السورية، "علما أن قرفول يقتصر دوره على صبغ وتقديم رؤى حول إدارة السياسيات النقدية. هو ليس الوحيد الذي يتخذ القرار بل هناك غرفة مالية تتبع للقصر الجمهوري يتم فيها نقاش جميع الخطوات التي لابد من اتخاذها".

ويضيف الاستشاري الاقتصادي أن العادة درجت في سوريا سابقا أنه عندما تتم إقالة أي مسؤول لابد أن يسبق ذلك مناقشة أسماء محددة، يتسرب البعض منها إلى الإعلام.

ويرى الاستشاري  أن التأخير في تعيين الحاكم البديل لقرفول أمر لافت، ويوضح: "البنك المركزي مؤسسة حساسة وهو أحد أهم الجهات المكونة للغرفة المالية في القصر الجمهوري، والتي يتم فيها اتخاذ القرارات النقدية، من تحديد سعر القطع الأجنبي وتمويل المشاريع الممولة من حكومة الأسد ودعم بعض الشخصيات بالقروض وكيفية إدارة الأموال في الخارج".

ويتابع الاستشاري الاقتصادي: "بهذه الغرفة المالية يوجد الحاكم ونائبيه، وعادة عندما يتولى شخص البنك المركزي يتم توقيعه على سندات تنازل عن كل الأموال التي يتم إيداعها، وهي وصفة بعثية لتلافي العقوبات وتهريبها. متى تتم إقالته يتم تحريك هذه الأموال".

الليرة الى انهيار مضاعف

ما بين قرار الإقالة والتكهنات المرتبطة بهوية الحاكم الجديد للبنك المركزي في سوريا، صدر عن الأخير، منذ يومين ،، قرار رفع بموجبه سعر صرف الليرة السورية إلى الضعف، بعد ثباته لأشهر في نشرات المصرف، وارتفاعه بشكل كبير في السوق السوداء.

وحسب النشرة الصادرة عن المصرف بشكل يومي بلغ سعر صرف الليرة السورية 2512 مقابل الدولار الواحد، بعد أن كان 1256، في حين بلغ سعر صرف الليرة مقابل اليورو 3008.

ونوه المصرف إلى أن سعر شراء الدولار الأميركي لتسليم الحوالات الشخصية الواردة من الخارج بالليرات السورية هو 2500 ليرة لكل دولار واحد.

وسبق أن رفع البنك المركزي سعر صرف الليرة السورية من 700 إلى 1256 مقابل الدولار الأميركي، منتصف يونيو 2020، حيث ثبتت عند هذا الحاجز في نشرات المصرف فيما وصلت إلى 4000 في السوق السوداء، خلال الأسابيع الماضية، دون إجراء أي تعديل من قبل المصرف.

"حاكم أجنبي"

ذكرت "الحرة" في تقريرها انه على الرغم من أن مرسوم إقالة قرفول صدر في الرابع عشر من أبريل الحالي، رجح اقتصاديون أن يكون القرار قد اتخذ في وقت سابق، ولاسيما في منتصف مارس الماضي، عندما انخفضت قيمة الليرة السورية إلى نحو 5000  مقابل الدولار.

فيما نقلت توقعات اقتصاديين  أن يكون البنك المركزي يُدار من قبل حاكم أو خبير أجنبي، حيث تمت الاشارة الى  وجود اختلاف في الأدوات والقرارات التي صدرت في الشهر الأخير عنها في أي وقت سبق، مما يدل على تغير في الإدارة.

وتوقع المراقبون : " أن تكون الإدارة الجديدة قد أدخلت أموالا أجنبية في التداول لشراء كميات من الليرة ما ساعد على خفض سعرها إضافة لعوامل أخرى".

و يرى الاستشاري الاقتصادي  أن من يخلف قرفول سيحدد اتجاه الليرة السورية واتجاه الحكومة أيضا، لكنه لن يكون ذا "ثقل اعتباري"، كون البلاد تفتقد إلى أسماء متعمقة في السياسات النقدية والمالية.

وأشار التقرير الى تدخل الاجهزة الامنية المعتاد في اختيار حاكم   المصرف وجميع الموظفين فيه – ترشح وتزكي- وتساءل عما اذا كان الذي سيتسلم البنك في المرحلة المقبلة سيكون من خلفية نقدية، مؤكدا انه  لا يمكن أي فرع من الاقتصاد أن يدير هذا البنك".

واعتبر الاستشاري الاقتصادي أن البنك المركزي في سوريا يعتبر في الوقت الحالي "مؤسسة هشة، ووضعها خطير، ومراقبة محملة بكثير من الأعباء، وهي أيضا معاقبة وهو أمر بالغ الخطورة سيلقي بظلاله على الحاكم المقبل".