يُعد الدكتور حسن الأعرج من أبرز وجوه العمل الطبي الإنساني في ريف حماة خلال سنوات الحرب السورية، حيث ارتبط اسمه بمفهوم "تحصين الحياة" في مواجهة القتل المنهجي الذي استهدف المرافق الطبية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
بفضل رؤيته الاستباقية، لعب الأعرج دورًا محوريًا في تحصين المستشفيات بطرق مبتكرة مكنت الكثير منها من الصمود أمام غارات الطيران الحربي وقذائف المدفعية، وعلى رأسها مستشفى المغارة في مدينة كفر زيتا، الذي تحول إلى نموذج للمستشفى المقاوم تحت الأرض، يواصل إنقاذ الأرواح في أحلك الظروف.
لكن هذه الجهود جعلته هدفًا مباشراً للآلة العسكرية الروسية والنظام السوري، حيث استُهدف بسيارة مفخخة بصاروخ أطلقته طائرة روسية عقب مغادرته مستشفى المغارة في 13 نيسان/أبريل 2016، مما أدى إلى استشهاده، ليغدو أحد الرموز الخالدة في ذاكرة السوريين والأطباء العاملين في ظروف الحرب.
في عام 2015، وثّق فيلم "أطباء القَسَم" جانبًا من نضاله المهني والإنساني، إلى جانب مجموعة من الأطباء الذين تحدوا الخطر اليومي لمواصلة أداء القسم الذي ألزمتهم به مهنتهم، حتى الثمن الأخير.
ورغم مرور سنوات على رحيله، لم تتوقف الحرب ضد ما مثّله الأعرج من قيم. فمع تقدم قوات النظام في ريف حماة، بثت قناة زفيزدا الروسية بفخر لحظة تفجير مستشفى الكهف، أحد المستشفيات التي ساهمت في إنقاذ آلاف الأرواح، في مشهد حمل الكثير من الرسائل السياسية والعسكرية التي توثق استهداف متعمّد للقطاع الطبي في سوريا.
رحيل الدكتور الأعرج لا يُختصر بقصة استشهاد فرد، بل هو تجسيد لفصل كامل من الحرب على الحياة في سوريا، وعلى الكرامة المهنية، وعلى كل من أصرّ أن يواجه الموت بخيط أمل.