حلّ مجلسي إدارة "سوريا الدولي الإسلامي" و"سوريا والخليج"... إعادة ضبط أم إزاحة نفوذ؟

السوري اليوم
السبت, 31 مايو - 2025
بنك سوريا الإسلامي الدولي
بنك سوريا الإسلامي الدولي

في خطوة غير مسبوقة من حيث توقيتها ونطاقها، أصدر حاكم مصرف سوريا المركزي، الدكتور عبد القادر الحصرية، قراراً يقضي بحل مجلسي إدارة كل من بنك "سوريا الدولي الإسلامي" وبنك "سوريا والخليج"، استناداً إلى أحكام القانونين 23 لعام 2002 و28 لعام 2001، والمادتين 13/ب و22 منهما، إلى جانب التعليمات التنفيذية ذات الصلة.

القرار، الذي اعتمد على كتاب صادر عن الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية (بتاريخ 27 أيار/مايو 2025) وتوصية من مفوضية الحكومة لدى المصارف، جرت المصادقة عليه رسمياً خلال اجتماع لجنة إدارة المصرف المركزي في 29 أيار/مايو.

ما الذي يحدث خلف الكواليس؟

الخطوة تطرح جملة من التساؤلات حول خلفياتها: هل نحن أمام إجراء رقابي بحت يهدف لضبط الأداء المصرفي في ظل أزمة اقتصادية خانقة، أم أن هناك ما هو أبعد من ذلك، ربما يرتبط بإعادة ترتيب أوراق النفوذ داخل المؤسسات المالية التي لطالما وُصفت بأنها قريبة من دوائر السلطة التقليدية في سوريا؟

بنك "سوريا الدولي الإسلامي"، الذي تأسس عام 2006 ويُعد من أبرز المصارف الإسلامية في البلاد، كان قد شهد في السنوات الأخيرة سلسلة تغييرات في إدارته العليا، شملت تعيينات لافتة وتعديلات على مجلس الإدارة. في حين أن بنك "سوريا والخليج"، المصرف الخاص التقليدي الذي تأسس عام 2007، أجرى انتخابات لمجلس إدارته في خريف 2024، وعُيِّن له رئيس تنفيذي جديد أواخر 2023، لكنه واجه صعوبات مالية متزايدة في ظل البيئة الاستثمارية المعقدة والعقوبات الغربية.

إصلاحات جذرية أم تصفية حسابات؟

في الأوساط المصرفية، تختلف التقديرات بشأن دلالات هذا القرار. فبينما يرى البعض أنه يأتي في إطار خطوات حقيقية لإعادة هيكلة القطاع وإبعاد إدارات "فشلت في الامتثال للمعايير الرقابية"، كما جاء في بعض التفسيرات الرسمية، يذهب آخرون إلى الاعتقاد بأن التوقيت والحدة في القرار قد يشيران إلى تحوّل أعمق، ربما يتعلق بتفكيك شبكات نفوذ قديمة لم تعد تتماشى مع الخط السياسي والاقتصادي الحالي.

خبير مالي يعمل في القطاع المصرفي علّق لـ"المدن" بالقول: "عادة ما يُتخذ مثل هذا القرار في حالات قصوى. لكن السياق الحالي – خاصة مع حديث متكرر عن توجه لإعادة هيكلة واسعة – يجعل من الصعب الفصل بين الرقابة التقنية والمناخ السياسي العام".

ماذا بعد؟

السؤال الأكبر الآن: هل يمهّد هذا القرار لمزيد من الخطوات التي تطال مصارف أخرى؟ وهل سيُنظر إليه على أنه تصحيح مسار في القطاع المصرفي، أم أنه مقدمة لموجة من إعادة التموضع داخل المشهد المالي السوري، حيث لا مكان إلا لمن يحظى بثقة المرحلة المقبلة؟

وفي حين لم تُعلّق المصارف المعنية رسمياً على القرار حتى لحظة نشر الخبر، فإن تداعيات هذه الخطوة قد تتجاوز الأثر الإداري، لتفتح باب النقاش حول مستقبل القطاع المصرفي الخاص في سوريا، وحدود استقلاليته، ودوره المحتمل في أي عملية إصلاح اقتصادي حقيقية.