تصعيد نتنياهو وعجز بايدن وانتخاب السنوار: المنطقة في مفترق طرق

غزة
غزة

فيما كانت المنطقة ونتنياهو وائتلافه المتطرف ومعهم إدارة بايدن يحبسون أنفاسهم ويترقبون نوعية وشكل وحجم رد إيران ومحورها وخاصة حزب الله والحوثيين بصواريخ بالستية ومسيرات انتحارية رداً على استفزازات وعمليات اغتيال إسرائيل لقيادات في بيروت وطهران وقصف ميناء الحديدية، ومع تأخر الرد القاسي والمكلف الذي سيصب لمصلحة المنطقة كما علق علي باقري القائم بأعمال وزير الخارجية، تبذل الولايات المتحدة جهودا على محورين الحشد العسكري بأسطول بحري كبير ومقاتلات F ـ 22 الشبح في المنطقة، وترسل عن طريق حلفائها رسائل لإيران لتجنب التصعيد لأن ذلك سيعرقل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن والمحتجزين وسيكلفها اقتصاديا، فاجأت حركة حماس الكثيرين وخاصة نتنياهو بانتخاب يحيى السنوار رئيسا للحركة!

قلبت حماس الطاولة بانتخاب مجلس شورى الحركة بعد أقل من أسبوع من اغتيال إسماعيل هنية في طهران، أكبر صقورها يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس خليفة لإسماعيل هنية البراغماتي، مرسلة رسالة تحدٍ قوية ومعبرة بانتخابه.

كان ملفتا تهديد نتنياهو وقيادات تحالفه باغتيال السنوار، بعد فشلهم باغتياله مرات. في المقابل أكد إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني-»انتخاب السنوار أثبت أن حماس سلمت رايتها لمن هو أكثر تأثيراً في الميدان… والثأر لهنية التي أريقت دماؤه في حرمنا واجب علينا»…

واضح أن يحيى السنوار يشكل عقدة كبيرة لقادة الاحتلال وبرغم إفراج نتنياهو عنه ضمن صفقة «وفاء الأحرار عام 2011. لكنها عجزت عن اغتياله لسنوات. ولم تتوقع أن يحيى السنوار، المحكوم بأحكام لأكثر من 430 سنة سجنا سيخطط بعد 12 عاما لـ«طوفان الأقصى» ويكبدها خسائر غير مسبوقة في أطول وأكثر حروبها كلفة بتاريخ الاحتلال منذ نكبة عام 1948 والأكثر تشويها وتدميرا وتهاوي أساطير جيش الاحتلال «الذي لا يُقهر والأكثر أخلاقية»… وتفضح وحشية الصهاينة بسلوك يذكر بجرائم الفاشيين والنازيين. ثم ُينتخب السنوار صاحب الكلمة الفصل في المفاوضات رئيسا للمكتب السياسي لحماس في ضربة غير متوقعة لنتنياهو وكيان الاحتلال. وليتبارى قادة الاحتلال بالمطالبة بتصفيته واغتياله. السنوار منذ سنوات على قائمة الاغتيال، وهو الحي الميت لذلك لن يتغير الكثير!

رسالة حماس كانت واضحة بانتخاب يحيى السنوار الذي يوصف بالتشدد في الدوائر الإسرائيلية رئيسا لحركة حماس خليفة لإسماعيل هنية الذي كان يوصف بالبراغماتي. ما يعني أن حماس اختارت أكبر صقورها السنوار الموجود داخل الأنفاق داخل غزة. وليس أي قيادي حمساوي في الخارج. ما يعني تمسك حماس بشروطها بوقف الحرب وانسحاب قوات الاحتلال من غزة وتبادل الأسرى. وهو ما يعارضه نتنياهو بشدة واضعا حسب الوفد المفاوض الإسرائيلي المزيد من الشروط غير الواقعية والتعجيزية-باشتراط وقف إطلاق النار مع السماح لقواته بمواصلة القتال حتى تحقيق أهداف الحرب.

بسبب عجز بايدن في عام انتخابات حاسمة عن لجم نتنياهو وتحالفه المتطرف، يدفع المنطقة لحافة هاوية سحيقة ويدمر إرثه

وهذا ما أكده نتنياهو في مقابلته في مجلة تايم ـ إخراج حماس من قطاع غزة. ويشترط منع تهريب السلاح إلى غزة ورفض عودة آلاف المسلحين إلى شمال قطاع غزة! حسب نيويورك تايمز يوجد حوالي5000 مقاتل لكتائب القسام ومعهم مقاتلو سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي يقاتلون وينفذون بنجاح عمليات نوعية باستهداف الجنود الغزاة ودباباتهم وعرباتهم يوميا على مدى 10 أشهر من الحرب الدموية حسب ما يبثه الإعلام العسكري يومياً! ما يعني فشل كلي لجميع أهداف نتنياهو الذي يكررها بلا ملل على مدى أكثر من 10 أشهر!

ومع تصعيد إسرائيل المستمر يتكرر السؤال كيف يمكن التفاوض مع من يعرقل عمداً مساعي الوساطة مستغلا ضعف الرئيس بايدن.

لذلك يستحيل تراجع نتنياهو عن تصعيده وعرقلة جهود الوسطاء، باغتيال قيادات وشخصيات وعناصر حزب الله وحماس بمسيرات يومياً، وارتكاب مجازر مروعة بحق المدنيين.

وآخرها بعد يوم من مطالبة الرئيس بايدن وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي استئناف مسار المفاوضات المعطلة بين حماس وإسرائيل-ليصعد نتنياهو ويرد على مطالبة الوسطاء المحبطين باستئناف المفاوضات وموافقته رياء بإرسال وفد مفاوض الذي كرر أكثر من مرة استياءه من الشروط التي يدخلها نتنياهو باستمرار لإجهاض صفقة التفاوض. ليغتال سامر الحاج القيادي في حركة حماس في مخيم عين الحلوة في لبنان!

واتبعها في اليوم التالي بارتكاب مجزرة مروعة ويقتل أكثر من 100 نازح في مدرسة التابعين في غزة وهم يؤدون صلاة الفجر، رداً على مطالب الوسطاء باستئناف المفاوضات! ما يؤكد نهج نتنياهو وإفشاله المتكرر لجميع الوساطات لوقف حرب إبادته ومعاناة ونزف الفلسطينيين في غزة!

وسبق للشيخ محمد بن عبدالرحمن رئيس وزراء ووزير خارجية قطر والمفاوض الرئيسي، بعد اغتيال إسرائيل رئيس حركة حماس إسماعيل هنية أن صرح: «إن نهج الاغتيالات السياسية والتصعيد المقصود ضد المدنيين في غزة في كل مرحلة من مراحل التفاوض، يدفع إلى التساؤل. كيف يمكن أن تجري مفاوضات يقوم فيها طرف بقتل من يفاوضه في الوقت ذاته».؟!

كما يبرز خلاف حاد حول إصرار نتنياهو بقاء قواته بمحور نتساريم ومعبر رفح وفيلادلفيا وهو ما ترفضه حماس! وأضاف نتنياهو شرطاً جديداً «بالتزام الولايات المتحدة السماح لإسرائيل باستئناف القتال بعد المرحلة الأولى من الصفقة»! إذا فشلت المفاوضات.

وهكذا بسبب عجز بايدن في عام انتخابات حاسمة عن لجم نتنياهو وتحالفه المتطرف، يدفع المنطقة لحافة هاوية سحيقة ويدمر إرثه!

المصدر : القدس العربي 

د . عبد الله خليفة الشايجي

أستاذ في قسم العلوم السياسية ـ جامعة الكويت