من المعلوم أن أحد أهم وسائل المخابرات في العالم، هو (تضليل الخصوم). وعند الحديث عن الـ "كي جي بي" أو الـ "إف إس بي" حاليا، فإن التضليل الهادف إلى إيصال الخصم فقدان الأمل والانكسار النفسي وارد جداً، وذلك عبر الظهور المنتصر لموضوع المشكلة، الذي تروج الإشاعة بأنه مريض أو منكسر أو مهزوم.
تخيلوا أن يعود (بشار الأسد) بطريقة تشبه (عودة الابن الضال) أو (عودة ترينتي) في فيلم الكاوبوي - لا زال اسمي ترينتي!
ستقتضي العودة (الظافرة) أن يكون بشار محملاً ببعض الهدايا!
فهل أعطى الخليجيون مالا للنظام؟
أم، هل وافق رامي مخلوف على إعادة ولو جزء من الملايين المخبأة في البنوك الخارجية؟
هذا – بالمناسبة – يمكن أن يفسر سبب تزامن اختفاء الرجلين (رامي وبشار)، خاصة وأن (وليد عثمان) لايزال على رأس عمله - سفيراً في رومانيا، منذ أكثر من عشر سنوات. ومعلوم للجميع أن عثمان والد زوجة رامي مخلوف، وهو أحد أزلام النظام وأمناء سره المخلصين، الذي لابد أنه كان يتحرك لحل أزمة (الأسد – مخلوف).
ثم، هل تغيرت الإرادة في إسرائيل؟
وفي ظل وصف الرئيس (بايدن) للرئيس (بوتين) بأنه قاتل - وهي برأينا غلطة دبلوماسية كبيرة – هل يمكن أن نتوقع انفراجات سياسية في بؤر الأزمات في العالم؟
كلها أسئلة مشروعة وواقعية، وفي بند تضليل الخصم، فإن المنتظر إذا كان المخرج الروسي قد أعد السيناريو والفيلم.. هو عودة بشار وزوجته، عبر احتفالات لمناصريهم غير مسبوقة وفجائية؛ بالاضافة للإعلان عن مضاعفة الرواتب ورمي عدة ملايين من الدولارات في السوق حتى موعد مسرحية الانتخابات. علماً بأن رمي مليون واحد في كل يوم يمكن أن يغير سعر صرف الليرة، وبعد أن يتم التجديد لبشار تترك الليرة فيصل سعرصرفها إلى عشرة آلاف مقابل الدولار وربما أكثر.
ولكن هل سيؤدي هذا السيناريو إلى تثبيت فكرة بوتين، الذي يطلق عليه في الإعلام الروسي صفة القائد القوي أو الحاكم القوي؛ القائلة بأن الثورات كلها اختراعات غربية، وإلى تحقيق هزيمة نفسية لدى المعارضين؟
أقول هنا كابن لسوريا الجريحة وابن للساحل السوري، وأريد أن يقرأني الروس الذين نتمنى في المستقبل أن نبني معهم علاقات محترمة، بين شعبين وحكومتين ذاتا سيادة، وكرامة، وكنا قد التقينا بممثليهم الدبلوماسيين في جنيف، وقلنا لهم هذا الكلام:
إن لم يدرك الروس أنهم إذا فعلوا ذلك، فستصبح شتيمتهم في كل سوريا، وخصوصا في الساحل وبين المؤيدين، علانية وخلال أشهر معدودة، وسيبدأ التعامل معهم كمحتل ظالم جائر.
وإذا ذهب الروس إلى التمسك بسيناريو (تضليل الخصم) فسيفقدون كل مصداقية سياسية، وعند ذاك سيكونون هم المضلَّلين، وليس نحن.