لم يمض على تولّي جو بايدن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة شهراً ونيف، حتى وجّه للرئيس الروسي – فلاديمير بوتين لكمة موجعة في حلبة المصارعة السياسية الدائرة بين البلدين على مدى عقود.
فقد فرض بايدن عقوبات على عدد من الشركات والمؤسسات والمراكز العلمية التي تتهم بأن لها علاقة بانتاج المواد الكيماوية ومشتقاتها السامّة. وغالبية هذه الشركات والمراكز العلمية تابعة لوزارة الدفاع الروسية.
وبموجب قرار العقوبات، سيتم حظر أي شكل من اشكال التعامل مع هذه المؤسسات، لأنها (حسب الإدارة الأمريكية) ضالعة في جريمة تسميم المعارض الروسي - ألكسي نافالني.
وشملت قائمة العقوبات الأمريكية شخصيات مؤثرة في الحكومة الروسية، وأخرى على علاقة وثيقة بالرئيس بوتين شخصياً، مثل سيرغي كيريينكو، وأندري يارين، الذين يشغلان منصبين هامين في الإدارة الرئاسية. إضافة إلى ألكساندر بورتنيكوف - مدير الأمن الفيدرالي، وايغور كراسنوف – المدعي العام الفيدرالي، وألكساندر كلاشينكوف - مدير الهيئة الفيدرالية للشرطة القضائية.
ومن اللافت في العقوبات الاقتصادية التي فرضها بايدن مؤخراً أنها لم تستهدف شركات خاصة ورجال أعمال، كما كان في السابق، بل شركات ومؤسسات حكومية، وشخصيات حكومية من الطراز الأول.
ثمة إشارة رمزية لا يصح تجاهلها، تتمثل في أن العقوبات الامريكية هذه، تزامنت مع عقوبات أعلن عنها الاتحاد الاوربي قبل سويعات. لقد أراد الغرب – حسب رأيي – أن يقول للقيادة الروسية إن زمان الفرقة والانقسام الذي ساد في عهد ترامب – ولّى، وأن الغرب بجناحيه الأوروبي والأمريكي متّحد في رفضه للمارسات الديكتاتورية القمعية الروسية. ذلك أن المتابع لوسائل الإعلام الروسية يعرف كيف دأبت على التركيز على كل تباين في المواقف بين المكونين الغربيين، وعلى توسيع كل شرخ بينهما.
وبالعودة إلى العقوبات التي فرضها الاتحاد الاوروبي بقانون تحت اسم "قانون نافالني" نسبة إلى المعارض الروسي المسجون - ألكسي نافالني، نجد أنها استهدفت نفس الشخصيات التي استهدفتها العقوبات الأمريكية، مضافاً اليها: ألكساندر باستريكن – رئيس هيئة التحقيقات الفيدرالية، وفيكتور زولوتوف – قائد قوات الحرس الوطني.
بقي أن أشير إلى أن العقوبات الأوروبية والأمريكية تشمل منع المعاقَبين من دخول أراضي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وتجميد كافة أصولهم وحساباتهم المصرفية، وذلك لانتهاكهم حقوق الإنسان. إذ أن قائمة المشمولين بالعقوبات تضم من أصدر الأمر بتسميم نافالني، ومن أمر باعتقال نافالني فور وصوله إلى مطار موسكو، بعد عودته من العلاج في ألمانيا، ومن أصدر الأمر باستبدال الحبس الفعلي بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ، ومن أمر باستخدام القوة والعنف ضد المتظاهرين المطالبين بالإفراج عن نافالني.