هل تعود سوريا إلى خارطة الطاقة الإقليمية؟

ميساء شيخ حسين
الاثنين, 12 مايو - 2025
تركيا تسعى لإعادة بناء خطوط الغاز عبر سوريا
تركيا تسعى لإعادة بناء خطوط الغاز عبر سوريا

 

بعد أكثر من عقد على تعطّل مشاريع الطاقة العابرة للأراضي السورية، تعود دمشق تدريجياً إلى واجهة النقاشات الإقليمية والدولية حول مستقبل خطوط النفط والغاز. لكن السؤال الجوهري هو: هل تمتلك سوريا اليوم الفرصة – أو الإرادة – لتكون فاعلاً في سوق الطاقة، أم أن دورها سيظل معطّلاً بفعل الحسابات الجيوسياسية المعقدة؟

الجغرافيا التي لا يمكن تجاهلها

لطالما وُصفت سوريا بأنها "ممر الطاقة الطبيعي" بين الخليج وأوروبا. موقعها الجغرافي يمنحها ميزة استراتيجية لتمرير خطوط الغاز، لا سيما تلك القادمة من قطر أو إيران، أو حتى من العراق ومصر. لكن هذه الجغرافيا لم تُستثمر لصالح السوريين، بل تحولت إلى ساحة تنازع بين القوى الدولية، مما جعل من كل مشروع طاقة على الأرض السورية مشروعاً مؤجلاً أو مهدداً.

الخط العربي... مشروع لم يمت بعد

رغم الحرب وتعقيداتها، لا يزال "الخط العربي" لنقل الغاز من مصر إلى الأردن ثم إلى سوريا ولبنان، المشروع الأكثر قابلية للإحياء. وقد شهدت الأشهر الأخيرة تحركات أمريكية وأردنية لإعفاء هذا الخط من عقوبات "قانون قيصر"، ما يعكس رغبة في استخدام الغاز العربي كوسيلة للحد من نفوذ الغاز الروسي في المنطقة. إلا أن غياب البنية التحتية الجاهزة، وواقع الانقسام الجغرافي في سوريا، يفرضان تحديات جدية.

المشاريع المعطّلة: الغاز القطري والخط الإيراني

رفض نظام الأسد في 2009 مرور خط الغاز القطري-التركي عبر أراضيه، استجابة لضغوط إيرانية وروسية، ما فوّت على سوريا فرصة أن تكون نقطة عبور رئيسية للغاز الخليجي نحو أوروبا. في المقابل، حاولت طهران الدفع بمشروع "الخط الإسلامي" لنقل الغاز من الخليج عبر العراق وسوريا نحو تركيا ولبنان، إلا أن هذا المشروع أيضاً اصطدم بالواقع السوري المتفجر وبالفيتو الروسي.

كركوك-بانياس: الأمل العراقي في تجاوز جيهان

أحدث المشاريع المطروحة هو إعادة تأهيل خط النفط العراقي – السوري "كركوك-بانياس"، المغلق منذ عام 2003. يعكس هذا المشروع رغبة بغداد في تقليل الاعتماد على خط جيهان التركي الذي يعاني من تحديات سياسية وأمنية. غير أن واقع البنية التحتية المهترئة، وتكلفة إعادة التأهيل، يجعل المشروع أقرب إلى ورقة تفاوض سياسي منه إلى خطة تنفيذية فعلية في المدى القصير.

 الطاقة في سوريا... ملف استراتيجي يحتاج إدارة سيادية

الطاقة ليست قطاعاً اقتصادياً فقط في الحالة السورية، بل هي ملف سيادي يتداخل فيه الأمن بالسياسة. وما لم تستقر الإرادة السياسية السورية، وتُعاد صياغة التحالفات بمرونة تراعي المصالح الوطنية لا مصالح الحلفاء، فإن سوريا ستظل معبراً محتملاً لمشاريع كبرى… لكنها لا تتحقق.