في تصعيد لافت داخل إيران، نفّذت وحدات الانتفاضة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، في 17 أبريل 2025، سلسلة من العمليات النوعية استهدفت مقرات الحرس الثوري ومراكز البسيج والمخابرات في 13 مدينة إيرانية، من بينها كوجان، زاهدان، كرمانشاه، ومشهد. وتعد هذه العمليات، التي جاءت ردًا على تصاعد القمع والتدهور الاقتصادي، دليلاً جديدًا على تزايد الحراك الشعبي المنظم في وجه نظام الملالي.
شملت الهجمات عمليات إحراق لمراكز أمنية ودينية ومقار ثقافية تُتهم بالترويج للفكر الرسمي، إضافة إلى تدمير لافتات وصور رموز النظام، من بينهم قاسم سليماني، والمرشد الأعلى علي خامنئي، ومؤسس النظام روح الله الخميني. وجاءت هذه الضربات بالتوازي مع احتجاجات في مناطق مثل چابهار وزهك ضد حملة تجريف منازل البلوش، مما يكشف عن تزايد التنسيق بين هذه الوحدات والمجتمعات المحلية.
تاريخ من المقاومة المنظمة
تُعد “وحدات الانتفاضة” النواة التنظيمية للمقاومة داخل إيران، حيث تأسست عام 2013 كشبكة سرية تهدف إلى تنظيم الاحتجاجات والمواجهة المدنية في بيئة شديدة القمع. ومنذ انطلاقتها، كان لها دور محوري في انتفاضات 2017 و2019 و2022، رغم الخسائر البشرية الكبيرة والاعتقالات الواسعة التي طالت أعضاءها. وتضم الوحدات شبابًا من مختلف الأعراق والانتماءات، ما منحها بعدًا وطنيًا وشعبية متزايدة، وسط ما تصفه المعارضة بـ”فشل النظام في احتواء الغضب الشعبي”.
ضربات دقيقة ورسائل سياسية
أظهرت عمليات 17 أبريل مستوى متقدمًا من التنسيق والقدرة على تنفيذ ضربات مركّزة ضد رموز النظام. في كوجان، أُحرقت قاعدتان للبسيج، فيما شهدت مشهد تدمير مركز يستهدف طلاب الجامعات. أما في كرمان، فتم استهداف مقر تنسيق أمني، وفي بيرجند وسُبزوار جرى إحراق لافتات تمجّد رموز النظام. العمليات شملت كذلك إسلامآباد، قائمشهر، لنكرود، ومهولات، وغيرها، حيث تم استهداف منشآت ومراكز تُستخدم لأغراض رقابية ودعائية.
أنشطة متنوعة وتأثير متنامٍ
إلى جانب العمليات الميدانية، نفّذت وحدات الانتفاضة حملات لرفع الشعارات وتوزيع المنشورات في 76 مدينة، بالإضافة إلى نشاط إلكتروني تمثل في اختراق كاميرات المراقبة ومواقع الأمن في طهران خلال 2022. كما لعبت الوحدات دورًا في التعبئة ضد ارتفاع الأسعار وسياسات الإعدامات، مما دفع وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب للاعتراف بخطورة التحركات، واصفًا الانتفاضات بأنها “منظمة ومعقدة”.
مأزق داخلي وتضامن دولي
يأتي هذا التصعيد في ظل أزمة اقتصادية خانقة، حيث بلغ التضخم منذ 1979 ما نسبته 10,600%، مما أضعف قدرة النظام على السيطرة على الداخل. كما اكتسبت وحدات الانتفاضة دعمًا خارجيًا واسعًا، تمثل في تأييد 4000 برلماني من 50 دولة، و20,000 رسالة دعم أُرسلت إلى قمة “إيران الحرة 2024”.
وأكدت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أن “وحدات الانتفاضة أصبحت شعلة الحرية في إيران، وقادرة على إسقاط النظام بإرادة الشعب”. وفي ظل هذا الواقع المتغير، يرى مراقبون أن الحراك الداخلي بقيادة هذه الوحدات قد يشكّل نواة حقيقية لتغيير سياسي مرتقب في إيران.