أنطاليا تحت الأضواء: سوريا تعود إلى المشهد الدبلوماسي من بوابة المنتدى الدولي

السوري اليوم
الجمعة, 11 أبريل - 2025
الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والسوري أحمد الشرع في منتدى أنطاليا الدبلوماسي
الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والسوري أحمد الشرع في منتدى أنطاليا الدبلوماسي

في لحظة تعكس تحولات إقليمية دقيقة، شهدت مدينة أنطاليا التركية انطلاق النسخة الرابعة من منتدى أنطاليا الدبلوماسي تحت شعار “تبنّي الدبلوماسية في عالم منقسم”، بمشاركة رفيعة المستوى من قادة وزعماء ووزراء خارجية من مختلف دول العالم، ووسط حضور لافت للرئيس السوري أحمد الشرع، الذي تصدّرت تحركاته عناوين التغطية الإعلامية.

سوريا في الواجهة: حضور لافت وتحركات دبلوماسية

جاءت مشاركة سوريا في المنتدى عبر وفد رسمي رفيع، ضم الرئيس أحمد الشرع، عقيلته لطيفة الدروبي، ووزير الخارجية أسعد الشيباني. الحضور لم يكن بروتوكوليًا فحسب، بل حمل مؤشرات سياسية عن إعادة تموضع سوري إقليمي، تجسّد في سلسلة لقاءات ثنائية مكثّفة أجراها الرئيس الشرع، أبرزها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيسة كوسوفو فيوسا عثماني، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة.

تطرقت هذه اللقاءات إلى ملفات التعاون، والإعمار، والطاقة، والمواقف من العملية السياسية السورية. وبرز اهتمام خاص من كوسوفو التي أعلنت استعدادها لتقاسم خبراتها في بناء الدولة وإعادة الإعمار، انطلاقًا من تجربتها بعد الحرب.

أردوغان يحذّر من إشعال الجبهة السورية

في كلمته الافتتاحية، وجه الرئيس التركي رسائل قوية بشأن سوريا، مؤكداً أن أمنها يشكل امتدادًا لأمن تركيا. وقال:

“لقد عانت سوريا بما فيه الكفاية من الحرب. من يسعى إلى جرّها مجددًا إلى الصراع عليه أن يحسب خطواته جيدًا.”

كما أشار إلى أن بلاده تعمل “بالتنسيق مع جميع الأطراف، بمن فيهم بوتين وترامب، لضمان وحدة سوريا واستقرارها”.

تحذيرات أردوغان جاءت في سياق رسالة غير مباشرة لإسرائيل، ومؤشر على رغبة تركية في ضبط الإيقاع الإقليمي على وقع تزايد التوترات في المنطقة.

مواقف إقليمية: قطر والعراق تؤكدان دعم الحل السياسي

من جانبها، أكدت دولة قطر دعمها لـ”سيادة سوريا واستقلالها”، وأعلنت استعدادها لتقديم دعم في مجال الطاقة، فيما شددت على أهمية الحوار السياسي في التوصّل إلى تسوية عادلة. أما العراق، فقد جدد موقفه الداعي إلى حلّ سياسي شامل يحفظ وحدة سوريا، مشيرًا إلى متابعة دقيقة من بغداد للتحركات الإقليمية والدولية بشأن الأزمة.

دبلوماسية ناعمة وسط غياب غربي لافت

رغم المشاركة الواسعة، غاب عن المنتدى الحضور الرفيع من جانب الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الغربية، ما أتاح مساحة أوسع للدول الإقليمية والفاعلين غير التقليديين لفرض أجنداتهم ومقترحاتهم، مع تزايد الإشارات إلى تحولات في موازين القوى داخل الإقليم.

وفي هذا السياق، شكلت تصريحات الأمين العام لمجلس أوروبا، ووفود من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، دعوات إلى اعتماد الدبلوماسية متعددة الأطراف كوسيلة لتجاوز الأزمات.

خلاصة: من الدبلوماسية إلى إعادة التموضع

يمثّل منتدى أنطاليا الدبلوماسي أكثر من منصة حوار، بل نافذة لرصد التحولات الإقليمية، لا سيما في ما يتعلق بالملف السوري. المشاركة السورية المكثفة بقيادة الرئيس أحمد الشرع تعكس محاولة واضحة لإعادة صياغة موقع دمشق السياسي، من خلال خطاب براغماتي جديد وانفتاح مدروس على الفاعلين الإقليميين.

وفي ظل التحولات الدولية المتسارعة، وتراجع الأدوار الغربية التقليدية، تبدو المنتديات متعددة الأطراف مثل أنطاليا مساحة جديدة لصنع التوازنات وبناء التحالفات البديلة، في عالمٍ تتنازع فيه الأزمات والانقسامات.