في خطوة تعكس تزايد التوجه الدولي نحو معالجة الملف السوري بعد سقوط نظام الأسد، وعد مسؤولون أوروبيون بمؤتمر الرياض بتخفيف العقوبات على سوريا والسماح بتدفق أكثر حرية للأموال. في المقابل أكدت السعودية على ضرورة رفع العقوبات. وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أكد من جهته أهمية رفع العقوبات لتحقيق التنمية وإعادة الإعمار، محذرًا من أن استمرارها يعوق طموحات السوريين في بناء مستقبل مستقر..
كان المؤتمر الخاص بسوريا قد انطلق في الرياض في وقت سابق من اليوم الأحد ويتمحور جدول الأعمال الرئيسي حول الخطوات التي يجب اتخاذها لضمان الاستقرار والأمن في سوريا. ويأتي المؤتمر بعد مرور أكثر من شهر على استيلاء فصائل مسلحة تحت قيادة هيئة تحرير الشام على السلطة في سوريا وفرار الرئيس بشار الأسد إلى روسيا.
يُذكر أن المؤتمر تناول أيضًا جهود تعزيز عودة اللاجئين ودعم الانتقال السياسي في سوريا، حيث شددت بيربوك على أهمية حوار سياسي شامل يضمن تمثيل جميع الأطياف السورية. وأضافت أن الاستقرار المستدام يتطلب دعمًا دوليًا قويًا، إلى جانب معالجة الجرائم التي ارتكبها النظام السابق.
وعلى هامش المؤتمر دولي حول سوريا ، قالت وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك "لا يجب علينا كمجتمع دولي أن نضيع فرصة خلق مستقبل لسوريا، رغم كل الشكوك المبررة. لذلك، نتخذ الآن كألمانيا وكأوروبا خطوات عملية أولى".
كما التقت بيربوك بنظيرها السوري أسعد الشيباني في الرياض، حيث أعلنت أن ألمانيا وأوروبا تدرسان تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، مع إبقاء القيود الصارمة على المسؤولين السابقين في نظام الأسد. وأشارت إلى تخصيص 50 مليون يورو إضافية لدعم الشعب السوري، بهدف تحسين الوضع الإنساني في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة.
فيما قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس اليوم الأحد إن وزراء خارجية التكتل سيجتمعون في نهاية يناير/ كانون الثاني الجاري لبحث تخفيف العقوبات على سوريا.
وجاءت تصريحات كالاس من الرياض قبيل عقد دبلوماسيين كبار من الشرق الأوسط والغرب ووزير الخارجية السوري الجديد مؤتمرا اليوم في السعودية.
وأضافت كالاس أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيجتمعون في بروكسل يوم 27 يناير/ كانون الثاني في محاولة لاتخاذ قرار حول سبل تخفيف العقوبات الأوروبية على سوريا.
وقالت آنا جاكوبس الزميلة غير المقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن "هذه القمة "ترسل رسالة مفادها أن السعودية تريد أن تأخذ زمام المبادرة في تنسيق الجهود الإقليمية لدعم تعافي سوريا".
وقال عمر كريم، الخبير في السياسة السعودية في جامعة برمنغهام، إن السعودية من بين الدول التي تتبنى نهجا أكثر حذرا تجاه الإدارة السورية الجديدة من تركيا وقطر، اللتين كانتا أول من أعاد فتح سفارتيهما في دمشق بعد سقوط الأسد.
ورغم ذلك، قال كريم إن الرياض "تتعامل بإيجابية" مع القادة الجدد في سوريا، وتتطلع إلى معرفة ما إذا كانوا قادرين على جلب الاستقرار و"السيطرة على العناصر الأكثر تطرفا في صفوفهم".
ولفتت جاكوبس إلى أن اجتماع الأحد "يمنح الرياض فرصة لزيادة نفوذها مع الحكومة السورية الجديدة، وتنمية نفوذ أكبر في بلد حيث تتمتع تركيا وقطر الآن بنفوذ أكبر".