فقه وسائل الرجم الاجتماعي

غزوان قرنفل
الجمعة, 19 فبراير - 2021
وسائل التواصل الاجتماعي
وسائل التواصل الاجتماعي

عندما فكّر من صمم وأطلق مواقع التواصل الاجتماعي كـ "تويتر" و"فيسبوك" وغيرها كان يريد - أو أنه اعتقد - أنه يخلق مساحة لقاء للبشر بعضهم ببعض ربما كان متعذرا وجودها واقعيا بهدف تداول الآراء والخبرات وربما حتى تبادل المشاعر.. 

ولم يكن يدور بخلده أنها ستكون عند بعض الأفراد والمجتمعات جبهات للحرب وتبادل للقصف بأقزع العبارات وأسوأ الشتائم لمجرد اختلاف بالرأي من مسألة ما، أو إبداء قناعة بفكرة ما.. حتى صار من يلج هذا الفضاء يحسب ألف حساب وحساب قبل أن يعبّر ببضعة سطور عن رأي أو فكرة.

فإن انتقدت جانبا أو مسألة من التراث الفقهي يباغتك الرجم بحجارة من سجّيل من مواقع وخنادق الإسلامويين، وإن انتقدت تطرف العلمانيين واستباحاتهم يأتيك الرجم بحجارة الحداثة.

أما إن تورطت وأبديت ما تراه متوازنا فيما يتعلق بقضايا المرأة وحقوق النساء، فأبشّرك بحرب لا تبقي ولا تذر وستجد نفسك مصلوبا.. مرجوما بالنفور والكراهية وموصوما بالجهل ومتهما بالانتصار لعصر الحريم.

ليست فضاءات وسائل التواصل الاجتماعي مساحة لحوار راق حر كما أرادها مصمموها ومطلقوها، هي بالنسبة لنا ميدان حرب.. كل وسائل الانتصار بها مباحة سبا وشتما وتجهيلا وتكفيرا.. المهم أن يسقطك - من جعل نفسه خصما لك وليس لفكرتك - صريعا مضرجا بالعار ومكللا بالهزيمة.

هو فقه رجم الخطيئة المعشش في رؤوس استوطنتها عناكب الكهوف المعتمة بالجهل والجهالة، ذاك الذي يجعل الفضاء الأزرق الرحب كزرقة السماء ورحابتها، ساحة للإعدام المعنوي ورجم بعضنا حتى الموت.

اكتب ما شئت، وقل ما شئت فأنت مرجوم .. مرجوم .. مرجوم

يا ولدي.


الوسوم :