صعدت جنوب أفريقيا من حملتها لإثبات أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، حيث قدمت ملفها الرئيسي يوم الاثنين إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. قبل الموعد النهائي لتقديم الملف في 28 أكتوبر، أودعت جنوب أفريقيا مذكرة قانونية تتألف من أكثر من 750 صفحة، بالإضافة إلى ملاحق ضخمة توثق الأهوال التي تعرض لها المدنيون في غزة خلال العام الماضي.
وقال المحامون إن تقديم الملف تأخر حتى اللحظة الأخيرة بسبب ضراوة العمليات العسكرية الإسرائيلية. على الرغم من أن معظم المواد الموجودة في الملف قد تم نشرها أو توثيقها مسبقاً، إلا أن الملف يتضمن أيضاً معروضات جديدة تسلط الضوء على الأوضاع المأساوية في غزة منذ الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023 والرد العسكري الإسرائيلي المستمر.
وذكر المحامون أن فريقاً من عشرات الباحثين والمحامين عملوا على مذكرة جنوب أفريقيا لعدة أشهر، حيث تناولت المذكرة تدمير معظم قطاع غزة، ومعاناة المدنيين، والتصريحات التي أدلى بها القادة الإسرائيليون حول خططهم. من المتوقع أن تبقى الشكوى سرية حتى يتم عقد جلسات الاستماع الشفوية في العام المقبل، لكن ستكون متاحة لإسرائيل والدول الأخرى التي انضمت إلى الشكوى.
سيكون أمام إسرائيل عدة أشهر للطعن في الطلب كتابة، ومن المتوقع أن تفعل ذلك رغم نفيها لشرعية الإجراءات. يتضمن الملف مواد جديدة، منها تقرير مكون من 827 صفحة صدر عن مجموعة Forensic Architecture، التي يقودها المهندس المعماري الإسرائيلي البريطاني إيال وايزمان. ويستعرض التقرير، المعنون “تحليل مكاني لسلوك الجيش الإسرائيلي في غزة منذ أكتوبر 2023”، استخدام أساليب متعددة، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية، لتقييم حجم وطرق الدمار في غزة، بما في ذلك البنية التحتية الطبية والدينية والمدنية والزراعية.
ويهدف التقرير إلى توضيح أن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة منظمة ومنهجية وتهدف إلى تدمير ظروف الحياة والبنية الأساسية الداعمة للحياة. ويتعلق الأمر بمسألة إثبات نية التدمير، وهو أمر صعب في القانون الدولي، لكن بعض الخبراء يشيرون إلى أن فرض ظروف معيشية متعمدة على مجموعة من الأشخاص يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان.
محكمة العدل الدولية، التي تعالج النزاعات بين الدول، كانت المنبر الرئيسي لإدانة أهوال الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر والأحداث التي تلت ذلك. وقد رفعت جنوب أفريقيا قضيتها في أواخر العام الماضي، واتخذت المحكمة ثلاثة أحكام طارئة حتى الآن، حذرت فيها إسرائيل من ارتكاب جرائم إبادة جماعية ودعتها للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
على الرغم من هذه الأحكام، لم تبدأ المحكمة بعد في معالجة ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية، التي تشكل جوهر القضية، مما يمهد الطريق لأشهر من الجدل القانوني.